IMLebanon

لا معجزات ولا إنفراجات… الحرب مستمرّة

لا معجزات ولا إنفراجاتالحرب مستمرّة

د. جيرار ديب

أشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دو ميستورا، إلى أنّه “ينبغي لروسيا وإيران وتركيا عقدُ المزيد من المحادثات في شأن وقفِ إطلاق النار في سوريا في أقرب وقتٍ ممكن للسيطرة على الوضع المقلِق على الأرض”. يتوقّع دو ميستورا من جولة محادثات سياسية جديدة في جنيف أن تُحقّق تقدّماً تدريجاً من دون حصول “معجزات” أو “انفراجات”.

يأتي حديث دو ميستورا في ظلّ عالم بات يتخبّط، في نزاعات تعمل على رسم خريطته الجيوبوليتيكية المعاصرة، ما ينعكس سلباً على مصير المنطقة التي تشهد على أرضها نزاعات ترتبط بمجموعة من القوى الدولية، المتنازعة في ما بينها لبسط النفوذ.

إنّ الدعوة التي يوجّهها دو ميستورا إلى الدول الراعية لوقفِ النار في سوريا من خلال مؤتمر أستانة تبدو في غير مكانها. لا بل تحتاج أصلاً إلى معجزات لحلّها، طالما إنّ المعنيين تتداخل مصالحهم، وتختلف رؤيتهم لمصير المنطقة.

الحرب الدائرة في سوريا تتداخل فصولها وتتعقّد بسبب ارتباطها في سلسلة أحداث أبرزُها:

– بروز تحَدٍّ روسي جديد في سوريا، يهدّد المصالح التركية. وعن هذا التحدّي وأثره على تركيا بالذات، كتبَ في مجلة “ناشونال إنترست”، بليدا كورتداركان أستاذ قانون العلاقات الدولية في جامعة “غالاتاساري” في إسطنبول، وبارين كايا أوغلو، أستاذ مساعد لتاريخ العالم في الجامعة الأميركية في السليمانية، العراق، لافتين إلى أنّ “نشاطات روسيا في البحر الأسود وسوريا تقلِق تركيا لأسباب”.

– ردّ الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث الرسمي باسمِها بهرام قاسمي، على تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي اتّهم فيها إيران بممارسة سياسية “عنصرية” في المنطقة، ويعتبر أنّها تمارس سياسات تركيا التوسعية في دول الجوار.

– إتّهام قادة البحرية الأميركية، إيران بتهديد الملاحة الدولية من خلال الاحتكاك بالسفن الحربية التي تمرّ عبر مضيق هرمز. وقالوا إنّه “من الممكن أن تؤدي الحوادث مستقبلاً إلى حسابات خاطئة وتسبّب اشتباكاً بالأسلحة.

– مطالبة الحكومة السورية، الأمم المتحدة، بإلزام تركيا سحبَ قواتِها الغازية للأراضي السورية، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية. وتوغّلت تركيا في سوريا في آب الماضي في عملية تهدف إلى طرد تنظيم “داعش” من المنطقة الحدودية بين الدولتين، ومنع المقاتلين الأكراد من السيطرة.

وقالت المرشّحة إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية، ماري لوبن، خلال اجتماع مع أعضاء لجنة شؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي في موسكو، إنّ “العالم الذي ينشأ اليوم هو العالم الجديد، قد بدأ يواجه إثنين من التحدّيات الهائلة هي: أيديولوجية العولمة، والإرهاب المتطرّف.

ودخلت المنطقة في دوّامة من اللا حلّ في المدى المنظور، بعد سقوط الأنظمة الحاكمة فيها. فالنظام الجديد يفرض على الدول التقاتل في ما بينها لتثبّت وجودها، وإلّا ستكون فريسة لإيديولوجية العولمة من جهة، ولضربات الإرهاب العابر للحدود من جهة أخرى.

لم تعُد الحرب الدائرة في المنطقة، تستند إلى قواعد اللعبة المحلّية، بين فريق النظام، وآخر معارض. بل هي حرب دولية على أرضها، حيث تداخلت فيها الكثير من التعقيدات العالمية والإقليمية، لذلك حتّى المعجزات لم تعُد تنفع وسط انقسام حاسم بين أطراف الخصام وضياع القضية التي من أجلها تُحارب القوى المتنازعة.

أخيراً، أصبح شبح التدمير والتهجير هو المسيطر على شعوب المنطقة في ظلّ غموض يلوح في الأفق. لذلك، لن يكون للسلاح غلبة لفريق على آخر بل للحلّ الديبلوماسي الذي يتّفق عليه الجميع تحت عنوان “التسوية الشاملة”. فالمعادلة التي نستنتجها هنا: “لا سلام، لا تفاوض، لا تفاهمات، بل حرب مستمرّة دائمة”.