IMLebanon

لا يستطيع أحد ايذاءك إلاّ نفسك

 

لا توجد مساحيق تغطي اعوجاج الشخصية الانسانية، متى كانت مفطورة على الغيرة أو الجهل أو البطولات المتخيّلة، أو الشغف بالمماحكة واللفّ والدوران، تهرّبا من مواجهة المعضلات الحقيقية الناجمة عن اعوجاج التفكير.

وهذا ما ينتج عنه عندنا التخبّط الحاصل في موضوع تشكيل حكومة العهد الثانية، فرقعة الشطرنج جاهزة والأحجار والبيادق تترقب النقلة الأخيرة، ولكن ليس من يكشّ ملك التعطيل والمراوغة، بانتظار الانتهاء من حصر الكبار لإرث المنطقة، قبل ان يبدأ نقل الملكيات، وفق المعايير التي اعتمدت في هلسنكي، وطنية أو طائفية، أو العودة الى ستاتيكو سايكس – بيكو.

بيد ان هذا لا يبرر ابقاء البلد بلا حكومة فاعلة، أو على الأقل، استكمال جهوزية مثل هذه الحكومة، تمهيدا للانطلاق فور ظهور الضوء الأخضر، بدلا من متابعة التجريح الكلامي والتحريض واستثارة النفوس، والأعصاب والأحقاد الدفينة، لأنه ما زال بامكاننا قطف الثمرة، من دون قطع الأغصان.

فمع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من لندن غدا، تنتهي استراحة التشكيل، ليبدأ الكباش مجددا حول الأعداد والحقائب، وبغياب الوزير جبران باسيل، الذي سيغادر الثلاثاء الى الولايات المتحدة ليمضي أسبوعا بين واشنطن ونيويورك، عاملا على تعزيز حرية الأديان، وفق عنوان المؤتمر الحواري المدعو اليه من جانب الخارجية الأميركية.

البعض ممن يحمّلون وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر، وزر التخبّط الحاصل، بل ويطالبون الرئيس ميشال عون مباشرة، بتصحيح الواقع السياسي، كما فعل النائب القواتي ايدي أبي اللمع أمس. وتصحيح يعني ان الواقع أعوج، وسبب اعوجاجه، كما يرى مثلث المستقبل، القوات والاشتراكي، هو الوزير باسيل، الذي يتصرف في موضوع تشكيل الحكومة على طريقة وان مان شو حسب تعبير النائب زياد حوّاط، الذي وصف باسيل بكاسر التفاهمات ومعرقل المسارات…

وواضح ان التصحيح المطلوب من الرئيس عون، هو بالعودة الى المادة ٦٤ من الدستور التي تنيط برئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية. وليس مع أحد سواه…

وتصوّر البعض ان رحلة باسيل الأميركية قد تبعده عن مسرح العملية الحكومية، لكنها ككل ضارّة، ينظر هذا البعض، ربما تكون نافعة له، من حيث ابتعاده عن مرمى السهام والقذائف. بينما يرى مناصروه والمراهنون على مشاكساته، بأنه سيغيب، لكن ملائكته تبقى حاضرة.

آخر تصريحات باسيل المثيرة للجدل، قوله في احدى المناسبات: بدأ صبري ينفد… ثم ان هواء خارجيا يلفح الحكومة، والمطلوب هواء لبناني، لا شرقي ولا غربي. وفي حديثه عن نفاد الصبر، استفز الرافضين له، أي دور أبعد من دور كوشنير في ادارة عمّه ترامب… أما حديثه عن الهواء الخارجي، فهو حمّال أوجه وتأويلات، فالهواء حالة كونية، يستحيل تأطيره وطنيا أو داخليا، على ان ما يميّزه ويحدّد مصدره هو خواصه، بين ان يكون منعشا للنفس والروح أو أن يكون حاملا لشتى أنواع الأوبئة والمضرّات.

وهنا قول للمهاتما غاندي: ما من أحد يستطيع ايذاءك إلاّ نفسك…