بعدما تصاعدت المواقف الداخلية من طريقة التعاطي الدولي مع ملف اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية والشكوك بإمكان حصول التوطين، تؤكد مصادر ديبلوماسية، ان هناك ثلاثة أمور تحكم الموضوع، وهي:
1 ان لا أحد أو طرف يمكنه أن يوطن السوريين اذا كانت الدولة ترفض ذلك.
2 ان مبدأ مَن مِنْ الرعايا يستقبلهم لبنان على أراضيه هو مبدأ سيادي تطبقه الدولة. انطلاقاً من مقتضيات سيادتها على أراضيها.
3 ان موضوع التوطين لم يطرح من أي جهة خارجية، بل على العكس فإن الأمم المتحدة ومن خلال زيارة أمينها العام بان كي مون الأخيرة الى بيروت، كما زيارات كل المسؤولين الدوليين يطرحون فكرة أن لبنان الذي يستقبل اللاجئين يجب مساعدته في إيوائهم، وتخفيف العبء عنه من خلال المساعدات الانسانية أو المالية بما في ذلك القروض الميسرة جداً من البنك الدولي.
لا أحد يستطيع فرض التوطين على لبنان. لكن في الوقت نفسه يجب على لبنان التنبه الى طريقة تعامله مع وجود اللاجئين على أرضه، ومسألة الوجود الغريب على الأراضي اللبنانية قديمة وهناك سوابق ولبنان عانى منها. والمشكلة الآن أن لبنان غير قادر على إرجاعهم الى بلادهم، وان ظروف العودة غير متوافرة، وان الوضع السوري لا يزال صعباً، ووقف النار تشوبه خروق كبيرة.
ان السلوك الدولي مع لبنان في هذا الموضوع يحمل الوجهين في مجال التوطين، وفق مصادر ديبلوماسية أخرى. لكن على لبنان القيام بما عليه، هناك ثلاثة مسارات يفترض أن تتضمنها خطة منع التوطين. الأول المسار السياسي، الذي يهدف الى تحصين الوضع الداخلي وفي الأولوية انتخاب رئيس للجمهورية ومعالجة موضوع اللجوء السوري بمعالجة موحدة في الرؤيا. أما المسار الثاني، فهو ضرورة حشد تأييد المجتمع الدولي في دعم لبنان لتوفير التمويل اللازم، كل المعطيات تشير الى ان الازمة السورية ستطول، وان الحل السياسي لن يكون سريعاً، ولبنان ليس في مقدوره تحمل أعباء اضافية، وعلى الدول تقديم المساعدة.
ثم المسار الثالث، ويتمثل في توفير حشد دولي لقيام مسؤولية مشتركة بين الدول الكبرى وتلك المحيطة بسوريا حول موضوع اللاجئين وليس ان تقتصر المسؤولية على الدول المجاورة التي تتحمل اعباء اللاجئين.
واذا جرت المعالجة بطريقة مجتزأة او من وجهة نظر محدودة، فلن يكون هناك توصل الى نتيجة.
وتحصين الوضع الداخلي وتحسينه، يستدعي الحفاظ على اولوية الاستقرار. لذا يجب الالتفات الى الامر من مكان آخر. من هنا اهمية مشاركة لبنان في اجتماعات المجموعة الدولية حول سوريا، لان هناك ما يعني لبنان من تداعيات الازمة السورية، على الرغم من اعتماده سياسة النأي بالنفس. ذلك ان المجموعة تعالج مواضيع من ضمنها ما لا يمكن للبنان ان ينأى بنفسه عنها كنتيجة للازمة السورية. وهذه المواضيع ذات صلة بالمساعدات الانسانية للسوريين أكانوا لاجئين أم غير لاجئين، ثم مكافحة الإرهاب، فضلاً عن متابعة العملية السياسية في سوريا، وما يختص بعودة اللاجئين وهذه العودة كانت تحدث عنها القرار 2254 حول الحل في سوريا، وكان لبنان اوضح للامم المتحدة موقفه من العودة «الطوعية«.
وتفيد المصادر ان لبنان يفترض ان يكون مسؤولاً عن اولوياته الوطنية لمعالجة تداعيات الازمة السورية عليه امنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وليس هناك من تداعيات فقط في ما يتصل باللجوء ومدى استمراريته، انما هناك الخطر الامني على الحدود، وهو خطر جدي، وكل المسؤولين الدوليين الذين يزورون لبنان يستطلعون هذا الأمر، وبالتالي لو لم تكن هناك نية لدعم لبنان لما كان اتى بان كي مون، في اواخر ولايته. كما انه جاء مع المسؤول الاول في البنك الدولي لإبراز الاستعداد لقروض بشروط ميسرة لمعالجة آثار موضوع اللاجئين، لا سيما تطوير البنى التحتية التي ستبقى للبنان. وجاء هذا العرض على اساس ان التمويل من الدول الكبرى لا يأتي. فإذا استطاع لبنان الحصول على هبات فهذا جيد، انما اذا لم تأتِ هذه الهبات، فإن تلقيه عروضا لقروض ميسرة لا يهدف الى التوطين، بحسب المصادر.
لكن هذه المصادر تشير الى ان تجربة الفلسطينيين موجودة، انما على لبنان ان يقوم بما عليه ومعالجة الملف من كافة جوانبه. هناك اوساط ديبلوماسية تقول ان لا أحد سيتحدث رسمياً ومسبقاً عن التوطين، لكن على لبنان اتخاذ احتياطاته لدرء إمكان حصوله.