IMLebanon

لا أحد يشيطن الحراك والحراك يشيطن نفسه !

لا راحة لمواطن في وطن غير مرتاح. ولا فارق بين الذهاب في اجازة والاستمرار في العمل، لأن الهمّ واحد في الحالتين. وكما في العمق العربي كذلك في لبنان، فكلما اشتدت كثافة الظلام، ازداد الأمل ببزوغ نقطة ضوء في آخر النفق. ومن ظلمات الواقع اللبناني كل هذا التاريخ الطويل من الطائفية والفساد، وهما وجهان لعملة النظام اللبناني الواحد. ومن نقاط الضوء فيه حراك شعبي مدني عفوي انبثق من وجع الناس ومعاناتهم وصبرهم الطويل. وهذا الحراك قد يكون من ارهاصات تغيير تاريخي في لبنان، كما قد يكون من اشارات حمل كاذب. وذلك يتوقف على القدرة باطلاق دينامية شعبية ضاربة في العمق عمودياً، ومتماوجة في الاتساع، أفقياً…

***

ما ظهر حتى الآن، هو أن بعض رواد وقادة هذا الحراك لا يدركون حقاً أبعاد ما قاموا به. والأفق الذي عملوا عليه في البداية، يندرج تحت عنوان الولادة الجديدة للمجتمع اللبناني المدني والعصري. غير أن ما يحدث في التطبيق العملي واليومي يتدنى الى مستوى المراهقة السياسية حيناً، والى العبث الصبياني حيناً آخر، كما حدث في مشاهد التظاهرة الأخيرة في قلب العاصمة بيروت. ومن الطبيعي أن تتخلل التظاهرات أفعال حماسية لشبان مندفعين وهم في ذروة حيويتهم. ولكن من غير الطبيعي أن يتحول هذا السلوك الى هدف بحد ذاته!

***

بعض قادة الحراك المدني يقعون في أخطاء من شأنها أن تؤدي الى تنفيس هذا الزخم، بل وتسيء الى سمعته، وتصرف الناس عنه. من هذه الأخطاء أنهم يجعلون من اختراق الحواجز الأمنية هدفاً بحد ذاته، ومن قذف رجال الأمن بالحجارة بطولة، ومن الوصول الى ساحة النجمة انتصاراً تاريخياً! وهذا الأمر هو نوع من خلق المعارك الوهمية والانتصارات الزائفة. ومع ذلك يشكو بعض قادة الحراك من حملات مغرضة هدفها شيطنة الحراك الشعبي. ولا أحد يشيطن الحراك وقادته، والحراك وبعض قادته يشيطن نفسه بنفسه!