IMLebanon

“ما حدا مستعجل”؟

ليست هي المرة الأولى التي يُعلن فيها إرجاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى موعد آخر. لقد سبق الفضل وأُرجئت جلسات عدة لهذا الغرض، ليبقى الفراغ مالئاً المنصب والقصر الجمهوري، فيما الشلل يملأ بدوره المؤسّسات والدوائر الرسميّة.

اللافت والمثير للدهشة أن مسلسل التأجيل المستمرّ منذ ثمانية أشهر لم يُحدث أية ضجّة، ولم يتمكن من إثارة حميّة أي نائب أو متزعّم، ولم يدفع أي مرجع الى طرح سؤال استفهامي على الأقل عن الأسباب المانعة، وعن مغزى تعيين هذه الجلسات “المؤجّلة سلفاً”.

أما بالنسبة إلى الناس، فقد باتوا مقتنعين بأن تعيين المواعيد لا يعني أكثر من إجراء روتيني… ريثما تنضج طبخة البحص على نار “الخارج” غير المجهول، ويتبلّغ المسؤولون والقادة والمتزعّمون نبأ إطلاق سراح الاستحقاق الرئاسي.

إلا أن الوضع اللبناني “الممسوك” إلى حدّ ما، لا يستطيع تحمّل أوزار الفراغ وتداعياته، والاستمرار إلى ما لا نهاية في اللجوء إلى الترقيع هنا، والحوار هناك، والتأجيل هنالك، وعلى الوعد يا كمّون ويا رئاسة ويا بلد محاطُ بنار البراكين.

لدى سؤال هذا المسؤول أو ذاك المرجع عن الأسباب والدوافع والعوامل “المجهولة” التي تقطع الطرق كلها على الاستحقاق الرئاسي، يأتيك الجواب “إن لكل شيء نهاية”.

ولا بدّ من نهاية للحالة الشاذة التي تُدعى “الفراغ الرئاسي”.

وهنا يسكت المجيب عن إضافة أي كلمة، سكوت شهرزاد عن الكلام المباح حين يدركها الصباح.

طويلة؟ الجواب جاهز: ما حدا مستعجل على ما يبدو.

وإذا قيل لأحدهم إن البلد مستعجلٌ جداً، ومن غير الطبيعي والصحي أن يبقى بلا رئيس، يأتي الجواب أن الحوار الثنائي بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” كفيل بمعالجة الكثير من الأمور والقضايا الشائكة، مما يسهّل الطرق ويمهّد السبل أمام الهدف الرئاسي.

صحيح أن حوار عين التينة أحرز تقدّماً جدياً على طريق تنفيس الاحتقان السياسي والمذهبي في البلد، والاتفاق على استكمال الخطة الأمنية في كل المناطق اللبنانيّة، إلا أن بقاء المنصب الرئاسي فارغاً من شأنه إبقاء كل الاحتمالات السلبيّة واردة، خصوصاً أن الإرهاب امتدت يده أمس إلى عقر دار الأم الحنون، وأوقع في مكاتب صحيفة “شارلي إيبدو” 12 قتيلاً وعدداً من الجرحى في وضح النهار، وفي العاصمة باريس.

وقد اهتزّت دول الاتحاد الأوروبي التي قرأت في الحادث الفرنسي ما يمكن اعتباره إنذاراً جماعيّاً.

فهل يقول هذا الحادث الإرهابي شيئاً لواضعي العصي في دواليب الاستحقاق الرئاسي؟

وهل يكون موعد الجلسة المقبلة موعد لبنان مع رئيس جديد، أم سنبقى “ما حدا مستعجل”؟