بدا نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم يتحدّث من خارج سياق الاهتمام والنصح والتريّث الذي أبداه السيّد» في كلمته قبل يومين، أساساً بدا كلامه وهو يتحدّث عن التفاؤل والتشاؤم في الموضوع الحكومي، وكأنّه يتحدّث عن قضيّة «أرسطيّة» بل أعقد من ذلك، ولا يحتاج القارىء أن يستنتج أنّه يصوّب على «القوّات اللبنانيّة» للقول إن العقدة عندها، «بحسب المعطيات المتوفرة، ما دامت هناك آلية معينة للتشكيل، وفيتو يمكن أن تضعه جهة واحدة فتمنع التأليف، ويراعى خاطرها إلى آخر مجال»، وإذا ضممنا كلام قاسم إلى كلام نصر الله قبل يومين حيث قال: «لا تزال هناك مجموعة من المسائل لها علاقة خصوصاً بالحقائب، وخصوصاً بتوزير بعض الجهات، هذه ما زالت عالقة، والجميع ينتظر فيها أجوبة، أنا لا أريد أن أتكلم الآن في هذا التفصيل، ونحن معنيون بهذا الجزء الأخير، معنيون نحن بهذا الجزء الأخير، يعني حزب الله وحركة أمل بشكل أساسي هذا الثنائي الآن معني جداً بهذا الجزء الأخير، لن أدخل إلى التفاصيل»، فهل هذه «حزّورة»؟! لا نعتقد ذلك!
ولا نريد هنا مناقشة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في الدُّرر التي استفاض في نثرها وهو ينفي «أصلاً إيران لا تتدخل في الشأن الحكومي اللبناني وهذا تكلمنا به عشرين مرة منذ بدء تكليف الرئيس المكلف إلى اليوم، لا من قريب ولا من بعيد، لا همساً ولا ليلاً ولا نهاراً ولا شيء»، نريد فقط أن نذكّره بكلام الجنرال قاسم سليماني عن الانتصار الكبير بفوز حزب الله» فاز بـ74 نائباً في الانتخابات الأخيرة»، طبعاً بكل تبعيّة حزب الله لإيران!
استوقفنا بالأمس كلام الشيخ نعيم قاسم وهو يلقي فلسفته عن أنّ «تشكيل الحكومة سيكون في المستقبل الذي لا نعرف إن كان قريباً أو بعيداً»، وذهب أبعد من فلسفة الوقت مؤكداً أنّه «لم يعد بالإمكان أن نتحدّث لا عن تفاؤل ولا عن تشاؤم»، ماذا يريد حزب الله؟ من اخترع عقدة حقيبة العدل في ربع السّاعة الأخير؟ من تنازل عن حقيبة العدل ثمّ تمسّك بها بعد أقل من 24 ساعة؟ والسؤال الملحّ هنا هو في التبرير الذي قيل أن «حقيبة العدل» يجب أن تكون على مسافة واحدة من كلّ اللبنانيّين، «ليش مش كلّ الوزارات» يجب أن تكون على مسافة واحدة من كلّ اللبنانيّين؟!
للمناسبة، لم نكن من المتفائلين الذين اعتقدوا أنّ الحكومة على وشك الولادة، ولسنا من المتفائلين أصلاً بأنّها إن تشكّلت «ستشيل الزير من البير اللبناني» فدونها أساساً عقبات أكبر من أن يكون في طاقتها حلّها أو إصلاحها، وفي الوقت الذي يتلهّى فيه الجميع ويتقاتلون على تقاسم «جلد الدبّ اللبناني» خلال الـ 48 ساعة الماضية انقلب العالم رأساً على عقب منذ فجر السبت مع إعلان المملكة العربيّة مقتل جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول، وسيستمرّ في انقلابه، لأنّ العالم يترقّب ما سيقوله غداً الرئيس رجب طيّب أردوغان، ويترقّب بخوف أكبر جنون دونالد ترامب وإعلان الانسحاب من الاتفاقية النووية مع روسيا «ما حدا فاضيلنا بهالكون»!
«وعمرا ما تتشكّل حكومة من دون القوّات اللبنانيّة»، من بلع بحر الأشهر لن يغصّ بساقية بضعة أيام أخرى، أو حتى الشهر المقبل، وإذا كان متاحاً أن نتفاءل بأنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري قادر على حلّ العقدة، فبقناعة متواضعة نظنّ أنّ «عقدة» البلد الكبرى لا حلّ لها لا من قريب ولا من بعيد أيضاً!
ميرڤت سيوفي