IMLebanon

لا إنتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة !

في كلامه الأخير المُوجّه لمؤيّديه بمناسبة الإحتفال بذكرى 13 تشرين الأوّل 1990، جدّد رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون تشديده على إعادة صياغة السُلطة عبر إجراء إنتخابات نيابيّة على أساس النسبيّة، وذلك بعد أن كان توجّه إلى مُناصريه عبر موقع «تويتر» بالقول: «أنتم أصحاب القرار، ولا يعود لغيركم أن يُمثّلكم بعد اليوم». وإذا كان صحيحاً أنّ هذا الموقف ليس جديداً على «الجنرال»، إلا أنّ الأصحّ أنّه سيضعه على رأس لائحة مطالبه من الآن فصاعداً، بعد أن لمس لمس اليد عُقم المُراهنة على أن يقوم المجلس النيابي الحالي بإنتخابه رئيساً. فهل يُمكن أن نشهد في المُستقبل القريب إنتخابات نيابيّة جديدة، وفق قانون جديد يعتمد مبدأ النسبيّة، كما يُراهن ويُطالب العماد عون؟

بحسب أوساط سياسيّة مُستقلّة مُطلعة إنّ الصراع على قانون الإنتخابات النيابيّة ليس وليد ساعته، حيث ذكّرت بأنّه يعود إلى فترة خروج الوصاية السوريّة من لبنان في العام 2005، عندما سارعت القوى السياسيّة الأساسيّة في لبنان، وخصوصاً كل من «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيّار المُستقبل» و«الحزب التقدّمي الإشتراكي» إلى إجراء إنتخابات نيابية في خلال شهري أيّار وحزيران من العام 2005، تحت عنوان «التحالف الرباعي» المشهور، وذلك بعكس إرادة «التيّار الوطني الحُرّ» الذي كان يرغب بتأجيل الإنتخابات قليلاً لسنّ قانون إنتخابي جديد، ولتحضير القواعد الشعبيّة للمنازلة الشعبيّة. وأضافت هذه الأوساط أنّ القانون الذي أجريت على أساسه الإنتخابات النيابيّة التالية في 7 حزيران من العام 2009، وفق قانون العام 1960 مع بعض التعديلات المُتفرّقة، إضافة إلى تنظيم الإنتخابات في يوم واحد وعدم توزيعها على أربعة أسابيع متتالية، جاء بعد «تسوية الدوحة» الغنيّة عن التعريف، والتي جاءت إثر أحداث السابع من أيّار الأمنيّة، بحيث وافق «الجنرال» عليها لإعتقاده بأنّه سيحقّق فوزاً ساحقاً فيها، وإرتضى التنازل عن الرئاسة لصالح قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان.

وتابعت هذه الأوساط السياسيّة المُستقلّة المُطلعة بالتذكير بأنّ دورة العام 2013 طارت، بفعل توافق القوى السياسيّة المُختلفة، بإستثناء «التيّار الوطني الحُر» على التمديد لمجلس النواب في 31 أيّار 2013 حتى 20 تشرين الثاني 2014. وأضافت أنّ التمديد للمجلس لمرّة ثانية والذي تمّ بدوره في 5 تشرين الثاني 2014 لمدة سنتين وسبعة أشهر تنتهي في 20 حزيران 2017، ما كان ليمرّ بدوره، لولا توافق القوى السياسيّة الأساسيّة، في تحدّ جديد لإرادة «التيار الوطني الحُرّ». وخلصت هذه الأوساط السياسيّة المُستقلّة المُطلعة إلى الإستنتاج بأنّ لا إنتخابات نيابيّة قبل إنتهاء ولاية المجلس الحالي المُمدّد له، في أفضل الأحوال.

من جهة أخرى، رأت مصادر سياسيّة في قوى «14 آذار» أنّ مُطالبة العماد عون بإجراء إنتخابات نيابيّة فوريّة لإعادة تشكيل السلطة السياسيّة هي تعمية على الوقائع القائمة، مُشدّدة على أنّ المدخل الطبيعي لإعادة تشكيل السلطة، يتمثّل في إنتخاب رئيس جديد للبلاد فوراً ومن دون أيّ عرقلة إضافيّة لجلسات الإنتخاب. وقالت هذه المصادر إنّ قوى «14 آذار» لن ترضخ لضغوط العماد عون بتقديم الإنتخابات النيابيّة على الرئاسيّة، أيّا كان مُستوى التصعيد الذي سيعتمده في المُستقبل. وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يفرض على القوى السياسيّة في لبنان قانوناً إنتخابياً جديداً يُرجّح مُسبقاً كفّة فئة سياسية على أخرى، حيث يجب أن يكون أيّ قانون مُقترح عادلاً ومُنصفاً وغير محسوم النتائج سلفاً».

وعن إمكان تكرار تجربة «تسوية الدوحة» التي فرضت قانوناً جديداً بعد إضطرابات أمنيّة داخليّة، شدّدت المصادر السياسيّة في قوى «14 آذار» على أنّ قانون الستّين مُعدّلاً ما كان ليمرّ لولا موافقة «تيّار المُستقبل» و«القوّات اللبنانيّة» والقوى الحليفة الأخرى عليه، إضافة إلى «الحزب التقدّمي الإشتراكي» بطبيعة الحال، رافضة الإدعاء بأنّ قوى «8 آذار» هي التي فرضت هذا القانون في حينه. وأكّدت المصادر السياسيّة في قوى «14 آذار» أنّ لا عودة بلبنان للوراء، تحت أيّ عناوين إنتخابيّة طائفيّة ومذهبيّة ضيّقة، مُشيرة إلى أنّ القانون المُقترح من قبل «التيّار الوطني الحُرّ»، والذي ينصّ على تطبيق مبدأ النسبيّة بعد تقسيم لبنان إلى 13 دائرة إنتخابيّة، مرفوض من قبل أغلبيّة قوى «14 آذار» وكذلك من قبل العديد من القوى السياسيّة المُصنّفة وسطيّة، ولن يمرّ!

وختمت المصادر السياسيّة في قوى «14 آذار» بتوقّع لجوء العماد عون إلى سياسة تصعيديّة في محاولة منه لإجراء إنتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة، وإلى فرض قانون إنتخابي جديد، لكنّها شدّدت على أنّ لا إنتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة، ولا إقرار لأيّ قانون إنتخابي نيابيّ جديد قبل التوافق داخلياً عبر حوار ديمقراطي هادئ على صيغة هذا القانون وعلى تقسيماته، وليس إطلاقاً عبر الفرض بالقوّة!