Site icon IMLebanon

لا مكان للحلم الرئاسي.. في ظلام «حزب الله»

جرياً على عادته عند كل استحقاق، يعمل «حزب الله» على الاستخفاف بعقول اللبنانيين من خلال تحويره للوقائع وتضييعهم في متاهات لغته التخوينية والتحريضية والتهجمية بغرض رفع الاتهامات عنه وإظهار نفسه على هيئة الملاك الذي يصل دائماً في الوقت الملائم لإنقاذ الضحية قبل فوات الأوان.

بين ليلة وضُحاها تحولّ «حزب الله» إلى حارس أمين على مؤسسات الدولة، وفي طليعتها موقع رئاسة الجمهورية، المؤسسة التي كان له الفضل في شغورها وتفريغها من قوتها بعدما حوّلها إلى مُجرّد عنوان يسعى من خلاله إلى تحقيق بعض المكتسبات في معاركه السياسية في الداخل وعسكرياً إن اضطرته الأمور على غرار إنقلابه الشهير في 7 أيار 2008 والذي عبّد له طريق الوصول إلى اتفاق الدوحة، ليعود وينقلب بعدها على الرئيس ميشال سليمان الذي جاء بصيغة توافقية أجمعت عليها كل الأطراف السياسية، والحزب على وجه الخصوص.

صيغة التوافق لم تعد ذات أهمية بالنسبة إلى «حزب الله» ما دام السلاح هو من يتحكم بمصير البلد وهو من يُقرر زمن سلمه وحربه. هذا ما أكده أمس نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في كلامه بقوله «بالعربي المشبرح، لا يوجد رئيس توافقي، وخير لنا أن نختار رئيساً نعرفه من اللحظة الأولى ونتفق معه على كل شيء». هذا تحديدا ما يُريده الحزب، رئيس يتفق معه على كل شيء علماً أنه ولغاية اليوم لم يتفق مع «مُرشحه» النائب ميشال عون على أي تصوّر مرحلي أو مبدئي إضافة إلى الخلافات الجذرية بينهما التي كانت تتطوّر في معظم الأوقات إلى حد حصول انقطاع في التواصل بين حارة حريك والرابية لم تكن تنتهي إلا بدخول طرف ثالث أو في لحظات يكون فيها الحزب بأشد الحاجة إلى موقف مسيحي داعم، يُساهم في فك طوق العزلة من حوله.

الفراغ أو الشغور الرئاسي هو أفضل ما يُمكن أن يحصل عليه«حزب الله» كهدية في هذه الفترة، فلا مراقبة لدور سلاحه الذي تخطى بُعده الاستراتيجي المُفترض وتحوّل من راصد على الحدود الجنوبية إلى عابر يومي باتجاه الأراضي السورية «على عينك يا دولة»، ولا مُحاسبة يُمكن أن تُعيد هذا السلاح إلى وجهته الفعلية تحت سلطة الدولة. وانطلاقاً من هذا المعطى يُدرك الحزب جيّداً أنه يُراهن في معركة الرئاسة على شخصية مرفوضة ولا حظوظ لها في الوصول إلى الكُرسي حتى من داخل بيئتها، وأن إصراره عليها دون سواها، يزيد من تفاقم الأزمة وبالتالي يُبقي الفراغ على ما هو عليه، وهذا ما يسعى إلى تكرسيه في هذه المرحلة حتّى تنجلي صورة الوضع في سوريا بشكل أوضح.

منذ فترة وجيزة، عبّر ميشال عون في حديث صحافي لجريدة مؤيدة لـ»حزب الله» عن رضاه لجهة تدخل الحزب في الحرب السورية، مع العلم أنه كان تحفظ في السابق عن هذا التدخل، وهذا ما جعل أحد سياسيّي الحزب يقول خلال مجلس سياسي خاص «عون حليف لنا رغم أنه قنّاص فرص، لكننا لسنا بصيد سهل». وهنا يأخذ بعض العونيين على الحزب مأخذاً أنه حتّى الساعة لا شيء عملياً بدر منه يدل فعلياً على جديّة سعيه لإيصال زعيمهم إلى الرئاسة الأولى سوى ما يسمعونه عبر الإعلام بين الفينة والأخرى. والمتتبع لسير ومجريات السياسة التي ينتهجها «حزب الله» يُدرك أنه حتى اللحظة غير مقتنع بتحقيق حلم حليفه قبل إخضاعه لمزيد من الفحوص السياسية وتأدية فروض الطاعة، لكن من دون أن تخضع هذه الشروط لفترة محددة.