IMLebanon

لا ترجمة سياسية للتغيير الاجتماعي

لا مجال في نظام ثيوقراطي لترجمة التغيير الحاصل في المجتمع الى تغيير سياسي ضمن النظام. هذا هو الدرس الذي تكرر مع تجربة الرئيس حسن روحاني. فالنقاش لم يتوقف في الجمهورية الاسلامية حول نسبة المفهوم الجمهوري الى المفهوم الاسلامي. إذ هي محكومة في كل مؤسساتها بآلية الانتخاب، ولكن تحت سقف ولاية الفقيه. ومن الصعب، مهما تكن الانتخابات حرة ونزيهة، الحديث عن ديمقراطية بالمفهوم الشائع في نظام ثيوقراطي.

ذلك ان فوز الرئيس روحاني بولاية رئاسية ثانية كان اشارة الى مدى التغيير الذي حدث في المجتمع لدى الشباب والنساء والأقليات. فهو نال ٢٤ مليون صوت مقابل ٩ ملايين لمنافسه ابراهيم رئيسي الذي قيل انه مرشح المرشد الأعلى علي خامنئي للرئاسة ثم لخلافته في ولاية الفقيه. وهو تحدث في الحملة عن رفض الأحلام المكسورة والأفواه المكممة. وهاجم سيطرة حكومة مع بندقية هي الحرس الثوري على الاقتصاد. ودافع عن الاتفاق النووي والانفتاح على العالم. ولم يتردد في الوعد بتوزير شباب ونساء وممثلي أقليات.

لكن الضغوط عليه منعته من توزير أي شاب وأية امرأة وأي سنّي. لا بل جاء بحكومة متوسط الأعمار فيما هو ٥٨ سنة للمرة الأولى منذ الثورة الإسلامية. وروحاني، أصلاً، براغماتي لا إصلاحي. وهو يعرف ان الشرعية الشعبية التي نالها خاضعة ل الشرعية الإلهية الممثلة بالولي الفقيه والممسكة ب الشرعية الثورية.

وإذا كان الوضع الاقتصادي الصعب في ظل العقوبات في مقدم الهموم، فإن الإهتمامات الاستراتيجية والجيوسياسية تبقى أولوية قصوى. ففي بدايات الجمهورية الإسلامية ارتفعت شكاوى من الغلاء، فكان ردّ الإمام الخميني إن هذه الثورة لم تكن من أجل سعر البطيخ. وكلما وضعت اميركا وسواها ايران أمام خيار بين ان تكون دولة أو ثورة، أمة أو قضية حسب تعبير الدكتور هندي كيسينجر، ردّت بأنها دولة وثورة، أمة وقضية معاً. لا بل ان طهران، على عكس نظرية لينين وستالين بعد قيام الإتحاد السوفياتي عن الثورة الإشتراكية في بلد واحد، تؤمن بأنها ثورة أمة. وهي تضع دورها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ضمن إطار قيادتها للثورة الإسلامية ومحور الممانعة، اي المشروع الإقليمي الايراني.

ودور الحرس الثوري تحت سقف ولاية الفقيه محوري في هذا الصراع. وليس امام روحاني سوى التسليم بذلك. لكن ضبط التحولات في المجتمع مهمة صعبة. والتحديات التي تتطلب مواجهة التحوّل الأميركي من التفاهم مع ايران أيام أوباما الى ضرب نفوذها الإقليمي أيام ترامب، كبيرة ومتعددة.