… وبعد غد لناظره قريب: الثاني من آذار، موعد الجلسة السادسة والثلاثين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. الخبرُ ليس مفاجئاً بل يكاد ان يكون تكراراً مملاً لجلسات انعقدت على مدى عامين الا ثلاثة أشهر من دون ان تصل الى أي نتيجة.
ما يميِّز موعد الثاني من آذار ان الرئيس سعد الحريري موجودٌ في بيروت، وهذا ما سيضفي على الجلسة غطاء نيابياً مميزاً لكنه لن يكون كافياً لأن تؤدي الجلسة الى انتخاب رئيس، وهذا عائدٌ الى معوقين كبيرين: الأول ان العماد عون وكتلته النيابية لن ينزلا الى الجلسة، كما ان كتلة حزب الله لن تشارك في الجلسة أيضاً، هذان المعوَّقان كافيان لأن تطير الجلسة مثلها مثل الجلسات الخمس والثلاثين التي سبقت.
إذاً، موعد الثاني من آذار لن يكون الأخير، وسيعمد رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تحديد موعد للجلسة السابعة والثلاثين، وسيستمر العدَّاد الرئاسي شغالاً الى ان تحين الجلسة المثمرة التي سينضج فيها رئيس الجمهورية.
على قارعة الانتظار، ماذا ستفعل الحكومة؟
السؤال الأدق هو ما يُفترض ان تفعله الحكومة. وربما هي المرة الاولى التي يكون فيها جدول أعمالها محدداً على الرائحة: ان ما هو مطلوبٌ منها هو كيفية ازالة هذه الكارثة من الشوارع. لتبدأ بالمعالجة وبعدها تأتي المحاسبة.
في 17 تموز من العام الماضي توقفت معالجة النفايات فتكدَّست في الطرقات ونُقلت الى الأحراج والاودية وتحت الجسور، فكانت المعالجة الوحيدة هي الحرق وما تسببه من امراض واوبئة.
في الصيف كنا نخشى حرارة الطقس وتحويلها النفايات الى مهترئة. في الشتاء كنا نخشى مياه الأمطار وجرفها للنفايات الى مياه الانهر ثم البحر كما الى المياه الجوفية التي ستتفجَّر ينابيع لمياه الشرب.
مرَّ الصيف الأول ويكاد يمر الشتاء الأول ليبدأ الصيف الثاني ونحن في قلب معمعة النفايات، فهل من معالجة قبل المحاسبة؟
إذا كان الترحيل قد سقط بعدما سقطت شركة هوك ثم شركة شينوك الاسطورية، فماذا بعده؟
المعالجات العشوائية سقطت ايضا لأنها كارثية، وهي الطريقة المعتمدة حالياً، فما الحل اذا؟
ليست هناك من حلول سحرية على الاطلاق: فإما ترحيل وإما طمر وإما حرق، فهل من حل رابع؟
بالتأكيد لا:
الطمر يحتاج الى مطامر والحرق يحتاج الى محارق، فما هي هذه الاسطورة من خارج هذين المخرجين؟ هل من عبقري يدل رئيس الحكومة على الطريق؟