اذا اردنا ان نعرف، حقيقة، ماذا يجري في لبنان، علينا ان نعرف ماذا يجري على الساحة السورية، وماذا جرى، حتى تتدخل روسيا بكامل ثقلها العسكري الى جانب النظام، بعد اربع سنوات ونصف السنة على اندلاع الاحداث، في سوريا وبعدما تعرّض النظام الى سلسلة هزائم عسكرية وضعته في الموقف الصعب والضعيف، الذي يسهل معه تقديم تنازلات ما الى موسكو، مقابل اعادة التوازن على الارض بين النظام وخصومه وتسهيل ما سمّي بمخطط تقسيم سوريا الى دولتين، الاولى دولة للسنة تكون من نصيب الاقوى عسكريا علي الارض، ودولة للاقليات بقيادة الطائفة العلوية الاكبر والاقوى، تتمتع فيها روسيا بالنفوذ الاوسع وبوجود عسكري دائم.
في هذا المجال ينقل عن صحافيين اميركيين، ان ردود الفعل الكلامية الخجولة التي صدرت عن الولايات المتحدة الاميركية ومعظم الدول الاوروبية والعربية ليست سوى لذرّ الرماد في العيون والذين التزموا بمواقف اكثر تشددا وتنديدا بالتدخل الروسي العسكري في غالب الظن لم يكونوا على معرفة بالتوافق القائم بين موسكو ووشنطن لحل المشكلة السورية ومن بعدها مشاكل المنطقة كلها، بما فيها لبنان، وعندما يصرّح النائب وليد جنبلاط امس للزميلة السفير بأن لا انتخاب رئيس للجمهورية، قبل انتهاء الازمة السورية، والحرب في اليمن، وبتفاهم اميركي – روسي – سعودي – ايراني، يكون جنبلاط قد استشعر «بأنتاناته» المعروفة ان هناك تسوية ما تطبخ بين هذه الدول الاربع لم تنضج بالكامل بعد وهي التي ستسمح «بانتخاب» رئيس تسمّيه هذه الدول، وهذا الشعور لدى جنبلاط، هو الذي يعطيه القدرة على اخذ مبادرات للعب في الوقت الضائع، كمثل التصريح بأن لا مشكلة عنده ولا حرج في انتخاب العماد ميشال عون رئىسا للجمهورية لأنه منذ الان وحتى يتم التفاهم بين اميركا وروسيا والسعودية وايران، وتنتهي حرب اليمن والمذبحة في سوريا اما ان «يموت الحمار او يموت صاحبه او يموت الملك» وجنبلاط في ما يقول، لا يراهن طبعا على عامل الوقت بقدر ما يوصّف واقعا معيوشا في سوريا ولبنان ومصر وايران ودول الخليج ويرفض ان يراه بعض اللبنانيين المنغمسين في حرب لا تنتهي من الخلافات والتجاذبات والشروط والشروط المضادة وما يصحّ على وليد جنبلاط يصحّ ايضا على الدكتور سمير جعجع الذي اقتنع منذ زمن طويل ان مواقف البعض من الخصوم والحلفاء، ليست ملك ارادتهم وان الحوار الذي «يحرص» عليه جنبلاط ليس سوى طبخة بحص لا تسمن ولا تغني عن جوع. ولذلك وهو يراقب ويتابع من معراب، انصرف الى خطوات منتجة مثل الاهتمام لحزبه وبحماية اللبنانيين من المخدرات، وبتحديث المؤسسات وبإعادة الحياة الى مهرجانات الارز، وبمعالجة حاجات البلدات، وبتمتين علاقاته وعلاقات لبنان بالدول العربية الشقيقة، بانتظار الفرج!