Site icon IMLebanon

لا انتخابات رئاسية… وأي مصلحة في رمي المسؤولية على المسيحيين؟!

 

كل الطرق الموصلة الى القصر الجمهوري في بعبدا، مقفلة حتى إشعار آخر… والفراغ الرئاسي ينتعش بجرعات اضافية ويتمدد…

من أسف، ان الافرقاء الداخليين، على تنوع اصطفافاتهم السياسية وغير السياسية، باتوا، في غالبيتهم الساحقة على قناعة من ان الطريق الى ساحة النجمة، ومنها الى بعبدا، لم تتهيأ بعد، في الحد الأدنى، لوصول أي من المرشحين الثلاثة المعلنين لرئاسة الجمهورية، من ميشال عون الى سمير جعجع، الى هنري حلو. لكن أياً من هؤلاء، وتحديداً «الأكثر تمثيلاً ووزناً لدى المسيحيين (عون وجعجع) لم يصل الى حد «التواضع»، وتقديم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية… على قاعدة «أنا او لا أحد» التي ابتدعها جنرال الرابية، وحلّت برداً وسلاماً» على «سيد معراب» الدكتور جعجع، وكل فريق يتمسك «بثوابته» و«مسلماته» و«مبادئه» و«شروطه» غير آبه بأن لبنان ليس ملكاً لأي فريق، كثر أو قل، ليتصرف به وكأنه من ممتلكاته الشخصية؟؟ وهي فرصة لا تقدر بثمن أعطيت لأبرز أنصار عون وجعجع ليتصرفوا على أساس من «ان المسألة في ملعب الافرقاء المسيحيين» فليتفق المسيحيون ونحن من ورائهم…» وهم يعرفون، ان الخلافات داخل «البيئة المسيحية» ليست جديدة، ولن تسقط بشطحة قلم، او بمجرد تمنيات؟!

يحاول كثيرون ان يخففوا من حدّة هذا الواقع، على خلفية، ان ولا مرة في تاريخ «دولة لبنان» كان رئيس الجمهورية صناعة مسيحية – مسيحية، او صناعة بحت محلية، والأمثلة على هذا أكثر من ان تعد، فلطالما كان رئيس جمهورية لبنان، صناعة توافقات او حسابات خارجية، دولية – عربية، باخراجات محلية.

من المفارقات «الغريبة العجيبة» ان الافرقاء كافة، يسلمون، بأن لبنان اليوم ليس في أولويات الدول صاحبة القرار النافذ والمؤثر… فأولويات العالم في مكان آخر، وهو لا يمارس الحد الأدنى المطلوب من «الضغوط» لانجاز الاستحقاق الرئاسي، ولا يفرج إلا عن تمنيات لا تقدم ولا تؤخر، مصحوبة، بدعوات ابقاء لبنان بمنأى عما يجري في المحيط الاقليمي والعربي، البعيد والقريب، حفاظاً على الأمن والاستقرار، ولا شيء غير ذلك في الوقت الحاضر…

من الواضح، ان ليس لدى الافرقاء اللبنانيين الوازنين، والمؤثرين، قرار سياسي، حازم وجازم بضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي… فتعطيل النصاب في مجلس النواب لم يكن عفوياً»، ولا يستقيم مع الادعاء بأن لبنان «دولة ديموقراطية»، وكلمة الفصل هي في صناديق الاقتراع… فكل فريق يريد ان يحتفظ لنفسه بفرصة الاتيان برئيس، لتكون له «الكلمة العليا»، وذلك، على رغم تراجع صلاحيات رئيس الجمهورية الى درجة جعلت من هذا الموقع، مجرد رمزية لا يمكن التخلي عنها، في بيئة تمتاز عن سائر البيئات في احتضانها تنوعاً طائفياً ومذهبياً، لم يبقِ للمسيحيين في المشرق العربي، إلا هذا الرمز؟!. وتجربة الرئيس ميشال سليمان خير دليل على ذلك، وهو منذ اليوم الاول لوصوله الى سدة الرئاسة، أطلق مجموعة مطالب لتصحيح هذا الخلل، من بينها اعادة النظر بصلاحيات رئيس الجمهورية، وصياغة قانون انتخابات نيابية جديد، على قاعدة النسبية، والانماء المتوازن، لكن أياً من الافرقاء، على ضفتي الثامن والرابع عشر من آذار، وما بينهما، لم يعر اهتماماً لكلام سليمان، فخرج الرجل من قصر بعبدا، فارغ اليدين، وكل رصيده ان في أيامه لم تحصل فتنة؟!.

من باب الضحك على الذقون، ان يرمي «حزب الله» (مثلاً) كرة المسؤولية في ملعب «التوافق المسيحي – المسيحي»، وهو يعرف ان هذا «التوافق» صعب المنال، والافرقاء المسيحيون، سواء الجنرال عون، أم جعجع، أم أمين الجميل، ولاحقاً «اللقاء الوطني»، يعرفون، أنهم غير مهيئين لانجاز توافق على هذه الدرجة العالية من الأهمية… والرموز السياسية – المسيحية، تتوزع بين «السنّة السياسية» في تكوينها الأبرز («المستقبل») و«الشيعية السياسية» في أبرز مكوناتها «حزب الله»، وما بين «حزب الله» و«المستقبل» كاف لتأكيد استحالة الخروج من هذا المأزق – أقله ضمن المعطيات الدولية والاقليمية الراهنة – والوصول الى توافق يتجاوز الحسابات الفئوية والمصالح الاقليمية، وانتظار الفرج من المحادثات النووية بين مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، زائد المانيا وبين ايران، التي بات من الصعب اقناعها بوجوب العودة الى «صفر مشاكل» مع محيطها العربي، او انتظار الفرج بحلول جذرية لما يجري في المحيط العربي، من اليمن الى بعض دول الخليج، الى العراق، الى سوريا، الى مصر، وليبيا وتونس وغيرها… ليعود للعالم العربي كلمته وحضوره، على رغم الالتفافة حول مصر (السيسي).

تفاوض ايران الاميركيين في الخارج… وفي الداخل يهتف المرشد الأعلى علي خامنئي، في «عيد النوروز»: «الموت لأميركا»؟! ويتزاحم الافرقاء اللبنانيون الى الخارج باحثين عن قوة إضافية، وكل فريق يختار الدولة التي توفر له مصالحه ومصالح من يحاكيه…

لقد بات واضحاً ان رمي الكرة في ملعب التوافق المسيحي ليس سوى محاولة لغسل اليدين من مسؤولية تمادي الشغور الرئاسي… والافرقاء في الداخل، يقولون شيئاً في الداخل، وآخر مختلفاً أمام الناس وأمام السفراء… والحوار يدور في حلقة مفرغة، ولم يعد – أقله حتى الآن – سوى فرصة لاضاعة الوقت، وان بدا أنه في لحظة من اللحظات حقق ايجابيات ما، إلا أنه سرعان ما يسجل انتكاسة تعيده الى المربع الأول، ليعود الافرقاء ليتعرفوا الى بعضهم من جديد، ويسألون: من أنت؟ ومن تمثل؟ وكم تمثل؟ ومن يسندك في الخارج الخ…؟!