IMLebanon

لا تظاهُر غداً… والرابطات تهتزّ

إضراب… لا إضراب ولا تظاهر غداً. هذه هي حصيلة الاهتزاز الذي تعيشه هيئة التنسيق النقابية، والتي تعلن موقفاً ثم تتراجع عنه، فترتبك قواعدها لمصلحة القوى السياسية وحساباتها. فقبل أن يجف حبر الإعلان عن التظاهرة في 6 أيار والتي أعلنتها الهيئة الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحافي في نقابة المعلمين، ها هي تتراجع بحجة أن بعض مكونات الهيئة، خصوصاً الثانوي، غير جاهزة للسير في الإضراب، وأن التحرك لن يعطي نتائج ولن يشكل ضغطاً طالما ان رئيس مجلس النواب لم يحدد موعداً للجلسة التشريعية. فكيف تتراجع الحركة النقابية التعليمية عن قرار علني مدعوم من قواعدها؟ وهل من ضغوط سياسية أو حسابات أسقطت على بعض الرابطات لتراجع موقفها؟

لا إضراب غداً، وإن كان لا يكفي ان تدعو هيئة التنسيق الى التظاهر، لتثبت أنها استعادت دورها النقابي وتأثيرها في الشارع، ورسخت موقعها الوازن والضاغط لإقرار سلسلة الرواتب. فما حصل بالأمس، خصوصاً ما أعلنه رئيس رابطة الثانوي عبده خاطر من أنه يريد وقتاً لتحضير قواعد الثانويين وجمعياتهم للإضراب، وهو الذي كان تلا بيان الهيئة الذي أعلن الاضراب والتظاهر، يثبت أن بعض الرابطات مرتبطة سياسياً، فعندما خرجت كلمة السر السياسية، تمّ التحجج بأن الثانويين ورابطات أخرى غير جاهزة للإضراب. لا يكفي أيضاً ان تبرر هيئة التنسيق قرارها بالتراجع، وتأكيدها انها ستدعو للإضراب عند تحديد موعد أول جلسة تشريعية، بل هي مطالبة قبل كل شيء بإثبات استقلاليتها النقابية لتتمكن من إعادة بناء الثقة وصدقية علاقتها بالأهل والتلامذة والرأي العام، ثم تحديد خياراتها أمام احتمالات عدم اقرار السلسلة واستمرار المماطلة في شأنها بعناوين مختلفة، بعيداً من الكلام الذي يرفع سقف التصعيد ثم يتراجع، فيما لا تستطيع الهيئة السير به الى النهاية أو ابتكار أساليب تحرك جديدة ومجدية، تقيس الخسائر والأرباح، وتنطلق من الجدوى مع برنامج لتعزيز التعليم وإصلاحه وضمان جودته. ولعل هيئة التنسيق في نسختها الحالية، باهتزازها وارتباكها، تفقد الثقة والصدقية أمام جمهورها أولاً، وهي في الأساس كانت في إضرابها الذي كان مقرراً غداً، تقف أمام تحدي الحشد، وإثبات قدرتها على استقطاب الألوف من المعلمين والموظفين، بعنوان نقابي وليس سياسي. وستسأل الهيئة بمكوناتها الحالية عن برنامجها، وما الذي ستفعله، بعد سلسلة الإخفاقات؟ وسيسأل المعلمون والموظفون أيضاً، وهم أهل القضية وأصحاب المطالب بالدرجة الأولى، عن قرار الهيئة وبيد من؟ وعن قدرة هيئة التنسيق على التحرك وأخذ القرار المناسب. وسيسأل النقابيون أيضاً عن إمكان تجاوز الانقسامات والعبور فوق الخرق الذي أحدثته التدخلات السياسية في البنية النقابية وداخل فئاتها، وذلك اذا ما تسنّى لهم الحديث مجدداً عن استقلالية هيئة التنسيق وقدرتها على الاستقطاب والجمع وقراءة التوازنات والتصرف بمسؤولية تجاه القواعد والأهالي والتلامذة.