IMLebanon

لا أفق لاقتراب تفاهم إيراني – سعودي واستبعاد الإفراج قريباً عن الاستحقاق الرئاسي

قد يتعين على المسؤولين اللبنانيين العودة الى محاولة التكيف مع مرحلة جديدة غير محددة من الانتظار للإفراج عن الاستحقاقات الدستورية اللبنانية وفي مقدمها انتخابات رئاسة الجمهورية على غير الآمال التي دفعت ببعض هؤلاء الى توقع انفراجات بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران. فمع ان الأنظار اتجهت الى زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لطهران للمرة الاولى بعد اعوام من الانقطاع في خطوة تمهد لتطبيع العلاقات بين فرنسا وايران وعلى جدول اعمال مباحثاته السعي الى الحصول على دعم ايران من اجل فك اسر الانتخابات الرئاسية اللبنانية، تخشى مصادر ديبلوماسية ان تكون الوقائع اقل بكثير من التوقعات. تستند هذه المصادر في شكل أساسي الى جملة معطيات او معلومات من بينها:

ما اظهرته تطورات الايام الأخيرة من استمرار التباعد القوي بين ايران والمملكة السعودية. اذ زار وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الكويت وقطر في ما يفهم منه من حيث المبدأ محاولة الانفتاح على دول الخليج العربي بعد توقيع الاتفاق النووي فدعا الى التعاون في مكافحة “الارهاب والتطرف” معتبراً ان “ما تحتاج اليه المنطقة ليس تغييراً سياسياً من ايران بل تغييرا في السياسة من جانب بعض الدول التي تسعى الى النزاعات والحرب” كما قال. وما لبث وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان أعلن في اليوم التالي في اثناء استقباله وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فريديريكا موغيريني التصريحات الايرانية غير مقبولة مديناً “التصريحات العدوانية” ومعتبراً ما يقوله المسؤولون الايرانيون لا يدل على نية حسن جوار”. ومع ان المعلومات الديبلوماسية تتحدث عن وساطات غير مباشرة تضطلع بها سلطنة عمان من اجل محاولة رأب الصدع بين المملكة السعودية وايران، فإن ثمة ما يستدعي التمهل في الرهان على احتمالات او نتائج ايجابية. اذ ان ما يعتقده او يأمله مسؤولون لبنانيون من امكان حلحلة يمكن ان تصل الى الشأن اللبناني باعتباره الأسهل بين المسائل المعقدة في المنطقة قد لا يكون صحيحاً او دقيقاً كلياً في سياق الواقع القائم والمستمر في المنطقة. اذ انه قد يكون صحيحاً الى حد بعيد ان الازمة اللبنانية قد تكون الاسهل قياساً على جوارها من تعقيدات، الا انها تحتاج اولا واساسا الى تفاهم. والاشارة الى المواقف المتضاربة لوزيري خارجيتي ايران والمملكة انما يدفع في اتجاه ان هذا التفاهم غير موجود بعد وليس محتملاً في المدى المنظور وفق ما تعتقد المصادر الديبلوماسية المعنية. فمن جهة يتعين على ايران كخطوة اولى الا تتصرف كأنها دولة عظمى تتمتع باوراق تعزز موقعها بحيث تسعى الى فرضها على دول المنطقة بغض النظر عن النقاش في مدى صحة قوة اوراقها وموقعها ام لا، في الوقت الذي تحتاج الدول الخليجية الى احداث توازن لكي تستطيع موازنة الشعور الايراني لئلا يؤخذ عليها انها في موقف ضعف. فبين موقف يعتقد انه متفوق ومنتصر على طول الخط وفق ما تعمم ايران وحلفاؤها او امتداداتها في المنطقة بمن فيهم حلفاؤها في بيروت وموقف يعتقد انه يتعين عليه الا يفاوض وهو في موقع اضعف من الموقع الايراني، لن يكون ممكناً ان يحصل تفاهم او اتفاق. هذا من جهة. من جهة اخرى، فإن المؤشر الأبرز على امكان وضع التفاهم الايراني الخليجي على السكة هو اقرار ايران على نحو حاسم بعدم علاقتها باليمن وترك الامور لكي تحل هناك وفق ما يناسب المملكة السعودية حيث يشكل اليمن أكثر من حديقة خلفية للمملكة. وما لم تبد ايران حسن النية في اليمن قد يكون متعذراً الانتقال الى تفاهم يمكن ان يصل الى لبنان على رغم مخاوف كثر من ان يوضع لبنان على طاولة المقايضة في هذا الاطار اي ان يترك اليمن كلياً للمملكة لقاء ان يترك لبنان لايران على رغم صعوبة هذا العامل الأخير وفق ما يقول هؤلاء نظراً الى ارتباط لبنان بالوضع السوري بحيث لا يمكن فصلهما. لكن حلفاء ايران يأملون الكثير من هذا المنحى وبنوا آمالهم على أساسه من اجل ان تصب انتخابات رئاسة الجمهورية في مصلحة مرشحهم في نهاية الامر بموجب هذه المعادلة، خصوصاً ان اليمن والحوثيين بالنسبة الى ايران ليسوا اساسيين على رغم كل الدعم المادي والعسكري بل انهما باتا ورقة استخدمت من اجل التعكير على المملكة السعودية والضغط عليها.

واقع غياب التفاهم السعودي الايراني او عدم وضعه على السكة حتى الآن يقلل فرص نجاح وساطة وزير الخارجية الفرنسي في طهران، في حال تم التسليم جدلاً بان ايران يمكن ان تبيع ورقة الافراج عن الاستحقاقات اللبنانية من فرنسا. والانتقادات التي ساقها المتشددون الايرانيون ضد فابيوس في مناسبة زيارته لطهران على خلفية التشدد الفرنسي في المفاوضات على النووي الايراني قد تكون ذريعة تستخدم لعدم امكان اظهار طهران اي تنازل لفرنسا على الاقل في المرحلة الراهنة. ومراقبون كثر يعتقدون انها لن تفعل وتفضل بيعها من الولايات المتحدة أو نتيجة تفاهم مع المملكة السعودية التي تتوقع ان تبدأ الترجمة من اليمن قبل اي شيء اخر. ومتى بدأ ذلك يمكن فقط توقع ان تسهل الاستحقاقات في بيروت وليس قبل ذلك. وهذا ليس واضحا في الافق القريب جداً على الاقل.