IMLebanon

لا حلّ جذريّاً للمشكلات الأمنية والاقتصاديّة إلا بانتخاب رئيس للجمهوريّة في أسرع وقت

لا يمكن لبنان أن يخرج من أزماته السياسية والاقتصادية والمالية والامنية ما لم ينتخب رئيس للجمهورية، ومن دون ذلك يبقى الخروج منها مجرد حبوب مهدئة وليست حلولاً لها.

يسمع الناس كل القيادات في لبنان تدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك الدول الشقيقة والصديقة والمجتمع العربي والمجتمع الدولي، فمن يعرقل إذاً إجراء هذا الانتخاب؟

قيل إنه لا بد من انتظار التوصل الى تقارب سعودي – ايراني كي يتم التوصل الى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية. وقيل أيضا إنه ينبغي انتظار ما ستسفر عنه التطورات في المنطقة. ولكن ثمة من لا يرى علاقة كل ذلك بالانتخابات الرئاسية، خصوصا أن السعودية أبلغت أكثر من طرف لبناني مسؤول وغير مسؤول أنها لا تضع “فيتو” على أحد، وكل ما تريده هو أن يكون للبنان رئيس للجمهورية في أسرع وقت. وسمع الناس مسؤولين إيرانيين يؤكدون أن ما يهمهم هو أمن لبنان واستقراره. وقال رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد بعد لقائه ووفد من “حزب الله” النائب وليد جنبلاط في كليمنصو: “كلنا نتطلع الى فتح نوافذ لإخراج لبنان بأسرع وقت اممكن وبأقل كلفة ممكنة من هذا القطوع الذي يمر به من أجل أن نتلافى تداعيات ما يجري حولنا وفي المنطقة”. وأكد أن اللقاء تطرق الى موضوع الانتخابات النيابية والاستحقاق الرئاسي “وتفهمنا بعمق وجهة نظر وليد بك ونحن سنلتقي معا في اي استحقاق”. كما اكد ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن لأن البلاد تحتاج الى رئيس جمهورية يقوم بمهماته الدستورية.

إذا كان هذا هو موقف كل الاحزاب في لبنان وكل الدول الشقيقة والصديقة فمن هو هذا الأقوى منها جميعا ويستطيع عرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية؟ فإذا كانت السعودية وإيران، كما يعتقد البعض، لأن لا اتفاق بينهما لا على رئيس جمهورية للبنان ولا على قضايا اخرى في المنطقة ولاسيما العراق وسوريا واليمن، وأن لبنان هو من القضايا التي يجب وضعها في سلّة واحدة بحثاً عن تسوية شاملة ترضي من يعنيه الأمر، وإذا كان الامر كذلك فإنه مطلوب من الحكومة فهم حقيقة موقف كل من السعودية وايران كي تستطيع ان تبني على الشيء مقتضاه، وأوله الاتفاق على التمديد لمجلس النواب والقبول بتشريع الضرورة في انتظار اتفاق الدولتين على انتخاب رئيس للبنان. أما إذا كانتا جادتين في دعوتهما لإجراء الانتخاب فما على إيران سوى الايعاز لنواب “حزب الله” بحضور جلسات الانتخاب ليكتمل بحضورهم النصاب.

الواقع إنها المرة الأولى التي يتدخل فيها خارج لتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، إذ كان يتدخل من قبل لاجراء الانتخاب في موعده بعد الايحاء لمن يمون عليهم من النواب بالاقتراع لهذا المرشح أو ذاك. وما لم يتم الاتفاق بين الاحزاب السياسية الاساسية في البلاد على انتخاب رئيس، فإن التصدي للمشكلات الامنية والاقتصادية والمالية لن يوصل الى حلول جذرية لها إنما الى حلول موقتة كما هو حاصل بالنسبة إلى سلسلة الرتب والرواتب التي لا اتفاق عليها حتى الآن بين اصحاب العلاقة، إذ ثمة من يرى في إقرارها من دون ان يكون التوازن قد تحقق بين النفقات والواردات خطرا على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد لأن هذا الوضع لم تعالجه الحكومات المتعاقبة الا بالحلول المجتزأة والموقتة بحيث لا تلبث ان تصبح هذه الحلول مشكلة لا علاج لها. فإلى متى يظل في استطاعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المحافظة على الاستقرار النقدي إذا لم يكن استقرار أمني وسياسي ثابت؟ وإلى متى يظل في استطاعة قيادة الجيش الحفاظ على الامن والاستقرار إذا لم يكن الرأي السياسي واحداً والقرارات واحدة ولا تبقى حبراً على ورق إذا اتخذت؟ فلو أن في لبنان رئيساً للجمهورية لكان له مع الحكومة تصوّر مشترك في التصدي للجماعات الارهابية في جرود عرسال وفي تنظيم اللجوء السوري وفي التفاوض لتخليص العسكريين المخطوفين او الأسرى بعيداً عن المزايدات الشعبوية، وتحمّل معها مسؤولية اتخاذ القرارات، ولما كانت سلسلة الرتب والرواتب تتحول الى مسلسل بدأ قبل ثلاث سنوات تقريباً ولم ينته بعد لأن المطلوب قبل كل شيء إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وضريبية ومنع التهرب من دفع الرسوم والضرائب والتهريب من المرافئ والمطارات ما يضيّع على خزينة الدولة مليارات الدولارات تكون كافية لتحسين أوضاع الموظفين المدنيين والعسكريين والعمال. لكن كيف يمكن تحسين هذه الاوضاع مع خزينة تشكو من العجز وتنوء تحت أعباء ديون بمليارات الدولارات، ولا تعرف أي حكومة أن توفق بين حقوق الخزينة وحقوق الموظفين، علماً أن أهم ما ينبغي على الحكومة عمله بدعم من الشعب والنواب هو بذل كل الجهود لمنع أي فتنة لأنها إذا ما وقعت تغرق البلاد في فوضى سياسية وأمنية واقتصادية ومالية وتصيب المؤسسات بحال شلل وجمود في غياب رئيس للجمهورية هو رئيس أكبر مؤسسة في الدولة.