مجلس الوزراء، كما يكرر الرئيس تمام سلام القول، ليس المكان المناسب لحل الخلافات السياسية القائمة. والمقصود هو الخلافات السياسية بين المرجعيات والتي يعبر عنها الوزراء في المجلس من دون القدرة على حلها، بحيث تقود المناظرات الى تعطيل العمل لحل قضايا الناس. والترجمة العملية لذلك هي انه ما دام الوزراء وكلاء عن المرجعيات، والمجلس يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، فان الممكن هو العمل كأن مجلس الوزراء مجلس بلدية لبنان الكبير. ولكن، ما العمل اذا كان المجلس النيابي معطلاً، والشغور الرئاسي طويلاً، والحوار بين المرجعيات ثنائياً لا جماعياً، ومجلس الوزراء هو المكان الوحيد الذي يلتقي فيه كل الشركاء في السلطة؟ ماذا عن الخلافات التي تتعلق بالعمل في المجلس؟ أين حلها وكيف؟
أزمة المشاركة هي العنوان الطاغي. وهي أزمة رافقت السلطة منذ الاستقلال. تبدلت مواضيعها وتغير موقع المطالبين بها. وبقيت تتجدد. قادت الى حروب من دون التوصل الى حل جذري. فلا المشاركة الحقيقية كانت ممكنة في جمهورية ما قبل الطائف. ولا هي تحققت في جمهورية ما بعد الطائف الذي كان أهم انجاز له نقل السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء لضمان المشاركة. وها نحن في طبعة جديدة من أزمة المشاركة في غياب رئيس الجمهورية.
واذا كان الكل ينتظر ما يحدث في جلسة اليوم، فان أي حلّ لأزمة المشاركة يبقى موقتاً وعرضة لامتحانات يومية. أقصى حدود التفاؤل التسليم بالتعامل مع العماد ميشال عون كواحد من ملوك الطوائف: له كلمة مسموعة في تعيين الموظفين المسيحيين كما هي حال الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالنسبة الى الموظفين من طوائفهم. وله أرجحية في ممارسة صلاحيات الرئيس وكالة.
لكن المشاركة في الوضع الحالي، ولو اكتملت، تبقى مشاركة في الفراغ. فلا مشاركة فعلية إلاّ باعادة تكوين السلطة، واذا لم يكن لبنان على أجندة خيارات جنونية، فان السبيل الديمقراطي الدستوري يتركز على خيارين: مسارعة المجلس النيابي الى انتخاب رئيس للجمهورية تصبح معه الحكومة مستقيلة حكماً لتأليف حكومة جديدة، ثم الى انتاج قانون انتخاب نسبي لانتخاب برلمان جديد، واعطاء الأولوية لقانون انتخاب ثم انتخابات نيابية يتولى المجلس المنبثق منها انتخاب الرئيس. الأول واقعي الى حد ما. والثاني مثالي.
والكمال عدو الجيد كما يقول المثل الأميركي.