IMLebanon

لا مصالحة على حساب تركيا والإسلاميين!

في السادس من كانون الثاني الجاري، سُرّبت معلومة إلى وسائل الإعلام تفيد أن قطر قررت إبعاد الأمين العام لحركة “حماس” خالد مشعل الذي استقر في الدوحة بعد تركه دمشق على خلاف مع نظامها. واعتبر متابعو تحسّن العلاقة أخيراً بين قطر والثلاثي الوازن في مجلس التعاون الخليجي الخبر إشارة إلى التزام الأولى المصالحة، وإلى خطوات ستتخذها لإزالة أسباب الخصام والفرقة، وفي مقدمها دعم “حماس” و”جماعة الاخوان المسلمين” وتنظيماتها والمجموعات السلفية المعادية لـ”الدولة الإسلامية” ولمجموعات أخرى مشاركة في الصراع السوري. ورجّح هؤلاء أن يكون المسؤولون في الدوحة يعملون على تنفيذ تنازلات لـ”الثلاثي الخليجي” بغية الاستمرار في تقليص التوتُّر معه وإظهار حِسْن النية له. وفي هذا الإطار، كانت قطر بدأت، منذ مدة، العمل لتأمين إقامات آمنة خارج أراضيها (في المنطقة) لشخصيات إسلامية. وأشارت الشائعات إلى أن الجزائر وتركيا تجاوبتا مع قطر بسبب اشتراكهما وإياها في علاقات عمل جيدة وجدية مع “الاخوان” والمجموعات المتفرّعة منها. إلا أن الأكثر احتمالاً هو أن تكون تركيا هي الدولة الأساس التي ستتعاون معها الدوحة في كل ما يتعلق بدعم الخط الإسلامي العام في المنطقة (“الاخوان”).

هل أثّرت سلباً زيارة رئيس قطر الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني بعد أيام من تصالح بلاده والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين؟

يجيب المتابعون أنفسهم بالقول إنّ حكومتي تركيا وقطر أعلنتا في لقاء القمة الأخير بينهما تعميق العلاقات الثنائية. وقد عبّرتا عن ذلك بتوقيع مذكّرة تفاهم لتأسيس “لجنة استراتيجيا عليا” مهمتها تسهيل التعاون في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. كما تمّ توقيع اتفاق يتعلق بالتعاون العسكري. وذكر رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان والرئيس القطري إنهما تباحثا في قضايا اقليمية مهمة مثل سوريا وليبيا والعراق وقبرص والأراضي الفلسطينية. ويضيفون أن العلاقة الثنائية بين أنقرة والدوحة نمَت كثيراً خلال الأعوام الماضية وخصوصاً عندما قرَّرتا العمل معاً مع الإسلاميين المعتدلين في المنطقة، ولا سيما في سوريا وليبيا وتونس، الأمر الذي جعل علاقتهما مع مصر مشدودة وخصوصاً بعد إطاحة رئيسها “الاخواني” محمد مرسي. لذلك ليس مفاجئاً اليوم زيادة التحسين في علاقتهما. ويعكس إعلان قطر بدءها عملية استكشاف السبل الضرورية لإصلاح العلاقة مع مصر والثلاثي الخليجي، بالتزامن مع القمة التركية – القطرية، التزام قطر الطويل الأمد دعم المجموعات الاقليمية مثل “الاخوان المسلمين”. وما يسعى إليه أميرها، إضافة إلى المذكور أعلاه، هو تقليص الاعتماد على جيرانها في عملية الدفاع الاقليمي، وتأسيس رابط مع دولة اقليمية أكبر من دولته وأقوى. وأحد دوافعها لذلك رغبتها في عدم مشاركة السعودية وإيران في شكوكهما وهواجسهما والظنون. وتركيا تناسب تطلُّعات قطر، ويقوي ذلك دعم الدوحة للمجموعات الإسلامية إياها، وإن في صورة أقل علانية من السابق.

هل تقبل السعودية ذلك؟

الإنتقال إلى الدعم السّري المشار إليه، يجيب المتابعون إياهم، لا تستطيع السعودية القيام به بسبب تنافسها مع تركيا. وتغيير قطر موقفها الداعم لـ”الاخوان” أو المنخرط أكثر في علاقة استراتيجية مع أنقرة غير محتمل. كل ما تفعله وستفعله هو تعديل لهجة التزاماتها أو نبرتها، وذلك كي تبدو أقل تحدياً لتوقعات الرياض ومجلس التعاون الخليجي. إنطلاقاً من ذلك، يمكن أن ينتقل مشعل إلى تركيا، علماً أن الاحتمال الأكبر هو بقاؤه في قطر ولكن هادئاً ومحدداً نشاطاته ووضعه الإعلامي. وربما تشهد الأسابيع المقبلة حواراً بين الدوحة والقاهرة لوضع أسس علاقة جديدة جيدة وإن مختلفة عن علاقتها مع “المجلس” واحتمال انخراطه في حوار مع “الاخوان”. علماً أنه، والسعودية في المقدمة، يحتاج إلى اتخاذ إجراءات تحفظ ماء وجهه قبل البحث في ترتيب علاقته مع “الاخوان” ومجموعات تنتمي إلى الطيف الإسلامي نفسه. وإذا عمل (ومعه السعودية) على تحسين العلاقة جدياً فان شرط النجاح سيكون أن التحسين سيكون بشروطه بحيث لا يبدو متراجعاً أمام ضغوط قطر. والأخيرة ستمارس هنا دور الوسيط الاقليمي الذي حسّن علاقاته الخليجية للمساعدة على التوصل إلى تفاهم علني أو ضمني بين “ملكيات” الخليج والخط الإسلامي الأكثر انتشاراً.