Site icon IMLebanon

لا استقالة لوزيرَي «تكتل التغيير» من الحكومة

حسما لاي جدل. لا استقالة لوزيرَيّ «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والوزير الياس بو صعب من الحكومة، ردّا على أي تمديد محتمل لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص وقائد الجيش العماد جان قهوجي. لا استقالة ولا انسحاب ولا اعتكاف. باختصار ليس ميشال عون من يخلي الساحات لغيره!

وحين تحسم مسألة عدم خروج الطاقم العوني من الحكومة «الطويلة العمر»، يصبح عندها من المسلّمات ان الحلفاء الجالسين على طاولة الرابية (المرده والطاشناق)، او الحليف الشيعي، غير ملزمين باي موقف من استقالة حكومية لن تحصل اصلا!

بعد التمديد الاول لمجلس النواب ثم التمديد الثاني، عاير كثيرون «جنرال الرابية» بعدم الانسجام مع النفس. فكل الاسباب الموجبة لثورته على التمديد لا يمكن، برأيهم، إلا ان تقود نوابه الى الاستقالة. لكن عون لم يفكّر حتى بالموضوع، تماما كما اليوم.

خارج بيكار السلطة والنفوذ رئيس أكبر تكتل مسيحي سيكون ضعيفا ولاعبا هامشيا. الرابية طبعا ليست ممّن ينظرون بإعجاب الى التجربة القواتية في «التكبّر» على «النعمة» الحكومية. لذلك عون لن يفعلها ليحقّق أحلام خصومه.

مع ذلك، يحضّر العونيون «ما يليق» بتمديد سيرذلونه حتى يوم الدين! ثمّة تكتم كبير حول هذا المسار. قرارات من هذا النوع تدرس عادة في الرابية على نطاق ضيّق جدا خوفا من التسريب وحرق الطبخة. لكن المؤكّد ان الرافض الاول لمسلسل التمديد لن يسكت، فيما المقربون يجزمون بأن ردّة الفعل ستأتي من حيث لا يتوقعون، وقبل الخامس من حزيران في حال رسا الخيار على التمديد للواء بصبوص. مقاطعة الجلسة التشريعية بدت دفعة على الحساب!

واستباقا لأجواء أوحت بأن الرئيس سعد الحريري قد يسير في خيار تعيين بديل عن اللواء بصبوص، على ان يُبقي خيار التمديد لقائد الجيش قائما ربطا بالفراغ الرئاسي، فإن أجواء عون ترفض بالمطلق هذه المعادلة، حيث ان رئيس «التكتل» يعتبر ان التعيينات الامنية رزمة متكاملة تشمل المديرية وقيادة الجيش. وهي، بنظره، تحصيل حاصل بعد سلسلة التعيينات الادارية الاخيرة.

الى جانب كل المسوّغات القانونية والدستورية التي يعرضها العونيون في سياق رفضهم للتمديد للقادة الامنيين والعسكريين، تحضر لديهم واقعة غير مألوفة: خلال 26 عاما يتمّ تعيين ثلاثة قادة للجيش، وفي حال التمديد لقهوجي سنتين إضافيتين سيصبح المجموع 28 عاما! وفيما يقوم كل قائد جيش بتركيب فريقه من الضباط طوال مسيرته في القيادة، فإن هذا الطاقم ايضا يبقى في صلب معادلة لا تتغيّر الا كل 9 سنوات تقريبا!

وللحماسة باتجاه خيار التمديد قصة رصد عون خيوطها الاولى منذ نهاية العام 2011 حين اشتمّ رائحة شيء ما يطبخ في الكواليس. كانت الازمة في سوريا قد حطّت أوزارها والرئيس سعد الحريري صار سائحا بين الرياض وباريس وحكومة نجيب ميقاتي تعمل بشقّ النفس، فأتى من فتح ملفا ليس في البال.

وفي تلك اللحظة اتى من فاتحه بموضوع التمديد للقادة الامنيين، اي قبل نحو سنتين من إحالة العماد قهوجي الى التقاعد، على اعتبار ان المرحلة ستكون حسّاسة وخطيرة لا تحتمل تغييرات على رأس القيادة. العرض استند إلى تعديل قانون الدفاع مما يتيح رفع سن التقاعد. جواب عون كان: «لا» كبيرة! كل التطوّرات اللاحقة أثبتت «نقزة» عون من الحديث المبكر عن التمديد.

وفي سياق آخر، يرفض عون بشكل مطلق، وفق زواره، التلازم الذي يحاول البعض تكريسه لجهة رفض تعيين قائد للجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية، إضافة الى التمسّك بـ «كليشيه» صعوبة تغيير القائد اثناء المواجهات والحرب. زوار عون ينقلون عنه واقعة تسلّمه قيادة الجيش في عزّ مرحلة انقسام الجيش، فيما سلفه العماد ابراهيم طنوس كان قد أمضى في سدّة القيادة فقط سنة وسبعة اشهر من كانون الاول 1982 حتى 23 حزيران 1984.

ووفق معلومات مؤكّدة، فان عون لا يرفض بالمطلق قانون رفع سن التقاعد لسائر الضباط، لكنه لا يرى اي قيمة له اليوم اذا استثمر ضمن هذه اللحظة التي تفرض التعيين وليس أي خيار «احتوائي» آخر. ولذلك، هو يؤيّد القانون لكن بعد القيام بعملية إعادة هيكلة شاملة لمؤسسة الجيش كي لا يؤدي الامر الى تشويه أكبر في «الهرم» العسكري المتخم بعدد العمداء.

ويدفع عون حاليا، من خلال كل الاتصالات مع المعنيين، باتجاه واحد: إدراج بند التعيينات الامنية على طاولة مجلس الوزراء، بما انه سمع «كلاما ايجابيا» من أكثرية من فاتحهم بالموضوع. فهو يرفض بالمطلق نظرية استحالة طرح الموضوع في الحكومة بحجة صعوبة التعيين.

ومن الآن حتى 5 حزيران المقبل هناك أكثر من شهر، اي إمكانية عقد خمس جلسات حكومية لتعيين بديل عن بصبوص، فيما الوقت سيكون متاحا لبضعة اشهر إضافية بالنسبة لتعيين بديل عن قهوجي، مع العلم ان عون يشدّد على ضرورة تعيين قائد جديد للجيش قبل فترة طويلة من تاريخ 23 ايلول.

في المقلب الآخر ما يشبه التسليم من قبل الجميع تقريبا بصعوبة التوافق على اسم قائد الجيش والتغيير على مستوى الرأس وسط المناخات الامنية الخطيرة، فيما تبقى مروحة الخيارات مفتوحة أكثر في مديرية قوى الامن الداخلي مع خط أحمر. «تيار المستقبل» ليس بوارد القبول بتسلّم الضابط الاعلى رتبة المسوؤلية وهو في هذه الحال قائد جهاز امن السفارات العميد نبيل مظلوم (شيعي).

ويأخذ البعض على عون قبوله بمعادلة العميد عماد عثمان مديرا لقوى الامن الداخلي مقابل شامل روكز قائدا للجيش. الاول، برأيهم، سيقفز فوق عدد كبير من العمداء ليحتلّ مركزا قد يبقى فيه لسنوات طويلة، فيما الحدّ الاقصى لبقاء روكز في اليرزة سيكون لسنتين ونصف، أما الرئاسة فستكون أصلا قد اصبحت وراء ظهر الرابية!