Site icon IMLebanon

لا حلحلة إيرانية بعد للملفّ الرئاسي طمأنة الحلفاء حول مساعي الانفتاح خارجياً

فيما يفترض ان تلقى زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان لبيروت اهتماما باعتبارها الزيارة الديبلوماسية الثانية خلال اقل من ثلاثة اسابيع بعد زيارة وزير الخارجية محمد جواد ظريف للعاصمة اللبنانية، فإنه تم التعامل معها على اساس ان إيران تستهدف أمرين: احدهما ما يتصل بسوريا وما يجري من اتصالات أو مساع في شأنها، بدليل ان ظريف حمل زيارته في آب الماضي البحث مع الرئيس السوري في المبادرة الإيرانية فيما تركزت زيارة عبد اللهيان على لقائه الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دو ميستورا في مبنى السفارة الإيرانية في بيروت، لعله من باب حفظ ماء الوجه للنظام السوري حول اجتماعات تبحث في مصيره بين اطراف خارجيين على أرضه. والأمر الآخر يتصل بطمأنة إيران “حزب الله” الى عدم التخلي عنه ما بعد الاتفاق النووي والمترتبات التي يحتمها على استيعاب إيران من ضمن المجتمع الدولي. زيارتا الديبلوماسيين الإيرانيين كان يفترض ان تحملا الى لبنان حلحلة في موضوع الملف الرئاسي التي تقبض إيران على ناصيته من خلال رفضها اتاحة حصول الانتخابات. عبد اللهيان اعاد في بيروت ملف الرئاسة الى خانة المسيحيين بقوله ان “اتفاق المسيحيين حول ذلك أمر مهم جداً بالنسبة الى إيران” وان بلاده تدعم “استكمال الية العمل السياسي لانتخاب رئيس” وذلك في حين ان رئيس مجلس النواب نبيه بري بالذات كان أخرجه منذ زمن بعيد وتبعاً للفشل المسيحي ثم اللبناني في الاتفاق الى التوافق الحتمي المفترض بين المملكة السعودية وإيران. ما يعني ان طهران لا تبدي استعدادا حتى الان للتخلي عن ورقة عرقلتها للاستحقاق الرئاسي وان لا جديد طرأ على موقفها من خلال تأكيد رمي الملف مجددا في ملعب المسيحيين، وإصرارها على دعم انتخاب العماد ميشال عون.

لكن قبيل زيارة عبد اللهيان العاصمة اللبنانية سبقه قوله في أثناء استقباله وفداً من قوى 8 آذار في طهران “حاولنا أن نرسل رسالة بصوت عال الى أشقائنا في محور المقاومة بأن لا تغيير في السياسة الإيرانية ازاء أطراف محور المقاومة” ما يشير بوضوح الى مدى المخاوف التي بات يثيرها حصول متغيرات في السياسة الخارجية الإيرانية ما بعد الاتفاق النووي على حلفاء طهران في لبنان أو في سوريا التي أكد الرئيس الأسد قبل أسبوعين أن روسيا وطهران لا تزالان مستمرتين في دعمه. فكل المخاوف المعلنة أو المضمرة تشي في مكان ما ان هناك أخذاً ورداً في الحلول المحتملة وان ذلك يرتب أثماناً وتنازلات. وهو أمر غير معهود كلياً في الأدبيات الإيرانية باعتبار ان الدعم الإيراني لـ”حزب الله” لا يمكن ان يهتز في حين ان الافرقاء الآخرين يتخوفون دوماً من بيع لبنان لإيران مثلاً كما من قبل لسوريا تبعاً للمصالح الاقليمية أو الدولية. كما اعلن عبد اللهيان وجود خطوط حمر بالنسبة الى إيران “لا يمكن ان تساوم عليها وهي دعم المقاومة ومكافحة الارهاب والاهتمام بالمطالب الشعبية وتوفير الامن والاستقرار في المنطقة”. الا انه بدا لافتا ان زيارة الديبلوماسي الإيراني صادفت أمرين أمنيين بالغي الاهمية: أحدهما مساهمة بيروت في تسليم أحد أبرز الارهابيين الذين كانوا وراء تفجير الخبر في المملكة العربية السعودية والذي يحمل جوازاً إيرانياً ووصل الى بيروت من طهران الى المملكة. وهو أمر لم يثر على غير ما هو متوقع أي ضجة أو رد فعل لا من إيران ولا من “حزب الله” على رغم أن المسألة تمسهما مباشرة وهل حصل ذلك بالتوافق معهما أم بالتعاون من جانبهما ولهذا الأمر دلالاته أكان في هذا الاتجاه أم ذاك. فيما الأمر الآخر تمثل في المدى الذي أخذه اتهام الكويت “خلية العبدلي” التي كشفت عنها الشهر الماضي بالانتماء الى تنظيم “حزب الله” والتخابر مع إيران، وهو أمر لم يحظ هو الآخر بأي رد فعل.

ويأتي التطوران الأمنيان في وقت حرج بالنسبة الى إيران أولاً لان ذلك يعطي دفعاً أو زخماً لمضمون اللقاءات المرتقبة هذا الاسبوع بين الرئيس الاميركي باراك اوباما والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز والذي على جدوله السعي الى التصدي لاعمال إيران في المنطقة. أضف الى ذلك ان الكويت كانت من أولى الدول التي قصدها وزير الخارجية الإيراني في مسعى للدلالة على رغبة في الانفتاح على دول الخليج في الوقت الذي لم يستكمل بعد جولاته في دول المنطقة لاطلاع دولها على الاتفاق النووي وطمأنتها الى النيات الإيرانية. وكان لافتاً إبداء ظريف سخريته في تونس من الحديث عن “نفوذ” لبلاده في أربع عواصم عربية قائلاً: “احترامنا كبير للعالم العربي ونعتقد بأن لا هيمنة لأحد على أي عاصمة عربية والشعوب العربية راشدة وتدير بنفسها عواصم بلدانها”. وهذه تبدو محاولة واضحة من الديبلوماسية الإيرانية لتبديد الانطباعات أو المواقف الكثيرة التي اعلنها مسؤولون إيرانيون كبار مرارا وتكرارا خلال فترة التفاوض على النووي مع الدول الست الكبرى والسعي الى فتح طريق امام التفاوض مع الدول الخليجية عشية لقاءات مفترضة في نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة التي تشارك فيها إيران للمرة الاولى منذ عقود من موقع آخر غير موقع الدولة الخارجة على القانون الدولي والخاضعة لعقوبات دولية فيما تحتاج الى خطوات ملموسة لقبولها من المجتمع الدولي.