عقدٌ كثيرة عرقلت تأليفَ حكومات سابقة تغيب عن طاولة المشاورات التي يجريها الرئيس المُكلّف سعد الحريري مع القوى السياسية المختلفة. غالبية هذه العُقد سياسية واستراتيجية، وحتى مضمون البيان الوزاري خفَّ وهجُه اليوم أمام العُقدِ التي لا يُمكن أن تُصنّف إلّا بـ»السلطوية»، فكلّ طرفٍ يسعى إلى حيازة العددِ الأكبر من المقاعد الوزارية.
لم تتقدّم الأمور كثيراً على صعيد مسار تأليف الحكومة ولم يتمّ تذليل أيّ مِن العقبات التي تواجه هذا التأليف لغاية الآن، وفق ما تؤكّد مصادر من تيار «المستقبل» مواكِبة لمشاورات التأليف لـ»الجمهورية». أمّا المؤكّد لغاية الآن وفق المصادر فهو «أن لا مداورة في الحقائب السيادية، لا بين الطوائف ولا بين قوى الطائفة الواحدة».
المشاورات ما زالت قائمة بين القوى الأساسية في البلد لتذليل العقبات المعروفة، وتلفت المصادر المستقبلية إلى أنه لم يتمّ لغاية الآن إيجاد مخرج لحصّة رئيس الجمهورية، وتمثيل «القوات اللبنانية» والمقعد الدرزي الذي يُطالب به النائب طلال أرسلان، فيما يصرّ رئيس «اللقاء الديمقراطي» وليد جنبلاط على أن ينحصر التمثيل الدرزي بفريقه فقط. وتلفتُ المصادر إلى أنه «على رغم عدم حلِّ العقدِ، إلّا أنه يُعمَل لإيجاد مخارج لها في لقاءات خاصة من دون أن تخرج إلى العلن».
وإذ تطالب «القوات» بحصّة وزارية توازي حصّة «التيار الوطني الحر»، أي 6 مقاعد في حكومة مؤلّفة من 30 وزيراً، ترى المصادر المستقبلية أنّ «4 مقاعد وزارية هو الرقم المنطقي لتمثيل «القوات»، فيما الثلاثة مقاعد رقم مجحف».
وبالنسبة للحقيبة السيادية الثانية التي هي من حصّة الطائفة المسيحية، وهل ستكون من حصّة رئيس الجمهورية أو «القوات اللبنانية»، توضح المصادر أنّ «هذا الموضوع في يد رئيس الجمهورية، وهو من يُمكنه أن يُسهّل تشكيلَ الحكومة». وترى أنّ «القوات» إنْ حصَلت على 4 مقاعد وزارية لن تبحَث عن حقيبة سيادية وهي وزارة الدفاع التي تُعتبَر وزارة تشريفية ومعنوية أكثر من حقيبة فعّالة، على رغم أنّها سيادية».
كلام مصادر «المستقبل» أنّ الوزارة السيادية المتوافرة من الوزارات السيادية الأربع هي وزارة الدفاع يدلّ على تمسّكِ تيار «المستقبل» بوزارة الداخلية و»التيار الوطني الحر» بوزارة الخارجية، على غرار تمسّكِ رئيس مجلس النواب نبيه بري بوزارة المال. وفي هذا الإطار، تَعتبر المصادر أنّ «الكلام حول المداورة نظريّ على رغم أنّ الجميع يطرحها»، وتسأل: «كيف ستتمّ وبين أيّ جهات وفي أيّ حقائب، في ظلّ تمسّكِ الرئيس نبيه بري بوزارة المال واعتباره أنّها مسألة ميثاقية؟»، وتعتبر أنّ «المداورة ستخلق إشكالاتٍ بدل أن تؤدّي إلى تسهيل العقد والتأليف». وتجزم أنّ «شعار المداوَرة في الحقائب الوزارية السيادية سيبقى نظرياً إلى ما شاء الله».
وعن التمثيل السنّي بعد تقلّصِ حجمِ كتلة «المستقبل» النيابية ومطالبة النواب السنّة خارج التيار الأزرق بالتمثّلِ في الحكومة، توضح المصادر أنّه «من المُفترَض أن يكون المعارضون خارج الحكم، فكيف يُمكن أن يكون هناك من هو معارض للحريري وأن يكون مشاركاً بحكومة يَرأسها».
وتقول إنّ «التمثيل السنّي خارج تيار «المستقبل» أو لوائح «المستقبل» النيابية غير مرفوض وغير محسوم بالكامل»، كاشفةً أنه «يتمّ الأخذ والرد حول هذا الطرح على صعيد الأسماء والحقائب وما سيُقدّم في مقابل مشاركة هذه الأطراف في الحكومة». وتلفت إلى أنّ «الحريري لا يرأس جمعيةً خيرية لتوزيع الوزارات، ومِن الطبيعي أن يتمسّك بعدد من الوزارات والوزراء يخوّله أن يكون حقيقةً رئيسَ حكومة قوي، لا أن يكون رئيس حكومة غير قادرٍ على التصرّف».
أمّا عن مطالبة الحريري بحصّة وزارية خاصة به كرئيس للحكومة بمعزل عن تمثيل «المستقبل»، على غرار مطالبة رئيس الجمهورية بتمثيلٍ حكومي بمعزل عن تمثيل «التيار البرتقالي»، تَعتبر المصادر أنّ «هذا الطرح منطقي، إلّا أنّه قد يَستدرج الرئيس نبيه بري للمطالبة بالتمثيل نفسِه أيضاً».
وتوضح أنه «في حال تمسّك رئيس الجمهورية بحصة كبيرة، وتمّت المطالبة بـ11 وزيراً لرئيس الجمهورية تجمع حصته وحصة «التيار الوطني الحر»، فعملياً لن يتبقّى هناك من مقاعد وزارية لأحد».
وترى مصادر «المستقبل» أنّه «من المؤكّد أنّ رغبة العماد ميشال عون بأن يكون مُمثّلاً بوزير أو اثنين في الحكومة كرئيس للجمهورية منطقية، وعندئذٍ لن تتمّ معارضة هذا الطرح ولن يأخذ الكثير مِن الأخذ والرد».
وتقول: «حين يُطلَب من الجميع أن يكونوا مطواعين وأن يساهموا في تسهيل عملية تأليف الحكومة، يجب أن يبدأ التسهيل من الشخصية الأهمّ في البلد وهو رئيس الجمهورية الذي يملك «الكتلة الأقوى». فمِن المُفترض أن يُسهّل القوي الأمور، فالضعيف لا يملك ما يخوّله التسهيل أو العرقلة».من الطبيعي أن يتمسّك الحريري بعدد من الوزارات يخوّله أن يكون حقيقةً رئيسَ حكومة قوياً