IMLebanon

حرب اللاتسوية:  أي مناطق آمنة؟

ليس على الطريق من استانة الى جنيف عقبات يصعب التغلب عليها، فلا احتدام الأخذ والرد حول تأليف وفد المعارضة يحول في النهاية دون نوع من الحضور في المحادثات. ولا ما حدث من تغييب لبيان جنيف وسواه من مرجعيات التفاوض على التسوية تبعا لتبدّل موازين القوى في الميدان وموازين المصالح في العواصم يلغي اجبار الجميع على التسليم بمرجعية القرار ٢٢٥٤.

لا المسألة هي فقط الرعاية، سواء عادت أميركا في عهد الرئيس دونالد ترامب الى الرعاية المشتركة مع روسيا أو بقيت رعاية جنيف مثل أستانة ضمن الثلاثي الروسي – التركي – الايراني. ولا الأمم المتحدة هي صاحبة الرعاية في الكواليس، وان كانت تلعب الدور على المسرح عبر الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا. إذ كان دي ميستورا ينسق كل شيء مع الثنائي الأميركي – الروسي عبر الوزيرين جون كيري وسيرغي لافروف، وصار التنسيق مع موسكو وأنقرة وطهران.

لكن البحث في التسوية السياسية في جنيف محكوم بالتعثر. والطريق من جنيف الى انهاء الحرب طويل ومتعرّج ومملوء بالحواجز والألغام، حتى خارج الحرب المستمرة على داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية التكفيرية. فلو كانت نهاية الحرب التي تقترب من انهاء عامها السادس وبداية التسوية السياسية على مسافة قريبة، لما تحدث أحد عن اقامة مناطق آمنة. ولو كان القضاء على داعش مجرد مسألة عسكرية تنتهي بجهد مشترك أميركي – روسي مع تسليح قوات على الأرض لما احتاجت المعارك في الباب والرقة ودير الزور وتدمر والموصل الى أكثر مما احتاجته معركة حلب.

ولا أحد يبدو كأنه يعرف كيف ستقام المناطق الآمنة. لا ترامب الذي يتحدث عن اقامة مناطق آمنة قبل إعداد خطة والتنسيق مع صديقه الرئيس فلاديمير بوتين. ولا موسكو التي تطالب واشنطن بالوضوح وتحديد مقاصدها والتنسيق معها كما مع دمشق. ولا تركيا التي طالبت منذ سنوات باقامة منطقة آمنة من دون أن تستطيع تحقيق الأمر حتى بعدما احتلت أجزاء من سوريا وتفاهمت مع روسيا بعد أزمة عنيفة في أعقاب اسقاطها للسوخوي.

أما النظام، فانه يقيم مع حلفائه مناطق آمنة في الغوطة من حول دمشق وفي بعض القلمون، ولكن من دون سكان. إذ يعمد عبر المصالحات الى نقل مقاتلي المعارضة وعائلاتهم والعديد من سكان الغوطة الى ادلب. والكوابيس كثيرة في سوريا التي صار نصف شعبها نازحا في الداخل والخارج وخسائرها البشرية والعمرانية باهظة جدا. لكن كابوس أميركا وروسيا وأوروبا وبلدان في المنطقة هو ان تصل سوريا الى النموذج الليبي.