إذا قبل اللبنانيون بمبادرة العماد ميشال عون تلبية لطلب السيد حسن نصرالله، فإنه سيكون ممكناً إنتخاب رئيس للجمهورية ما بعد العام 2017. فقياساً على التجارب السابقة لتنفيذ خريطة الطريق المقترَحة الى قانون جديد للإنتخاب وتعديل الدستور لإنتخاب الرئيس من الشعب وإجراء الإستفتاء الشعبي، ليس سهلاً ملء الشغور في قصر بعبدا قبل هذا التاريخ. فكيف؟
في ظلّ تشكيكه بشرعية المجلس النيابي الممدَّد له مرتين اقترح رئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون خريطة طريق من أربع مراحل تشكل برأيه «الحلول الممكنة للخروج من الأزمات الدستورية المتراكمة».
وحدَّدها أولاً بثلاث مراحل تبدأ بالانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب على مرحلتين: الاولى مسيحية، والثانية وطنية، والناجح في هذه الانتخابات تثبت رئاسته في مجلس النواب. والثالثة إجراء استفتاء شعبي ومَن ينل الأكثرية ينتخبه المجلس في السباق الإجباري الى قصر بعبدا بين الأول والثاني من الموارنة الأكثر تمثيلاً فيه.
وبعد اعتباره هذه المراحل الثلاث مجرد «تسويات» اقترح عون مرحلة «دستورية» رابعة تقول بإجراء انتخابات نيابية، قبل الانتخابات الرئاسية، على أساس قانون انتخاب جديد يؤمّن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وفقاً للدستور ووثيقة الوفاق الوطني.
أولى ردات الفعل الجدية على مبادرة العماد عون جاءت مساءَ السبت من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا الى أخذ ما قدّمه العماد ميشال عون من مخارج ودراستها و»عدم إدارة الظهر لها… لأنّ الأمور على درجة عالية من الحساسية»… فـ «الأمور الداخلية على المستوى السياسي والأزمة وصلت إلى حدٍّ خطير والرهان على الخارج غير مفيد وحصل رهان على الحوارات الداخلية وعلى اجتماعات الأقطاب الموارنة ولم نصل إلى نتيجة…».
أمّا وبعد، لنفترض أنّ القيادات اللبنانية وافقت على مقترحات عون ولبّت دعوة السيد نصرالله الى أخذها بالجدّية. فمِن اولى الخطوات الواجب اللجوء اليها تحديد الإجراءات التي تكفل تطبيقها من أجل الإصلاح والتغيير المنشود.
فمِن أين سيبدأ المجلس النيابي «غير الشرعي» خطواته؟ مِن وضع قانون جديد للإنتخاب يؤمّن المناصفة وفقاً للدستور ووثيقة الوفاق الوطني؟ أم مِن تعديل الدستور لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، مِن المسيحيين أولاً قبل الإستفتاء الشعبي ومِن بعدهما في مجلس النواب لإنتخاب «المنقذ» من بين المرشحين اللذين إختارهما المسيحيون؟
وهل يمكن عبور هذه المرحلة بأقلّ من ستة أشهر على الأقل؟ فالمجال سيكون مفتوحاً أمام سيل من الإجتهادات الدستورية التي لا يمكن أن تحسم أيّ خيار قبل هذه المهلة.
ولنفترض أنّ التوافق تمّ على انتخابات نيابية مبكّرة فالسعي الى قانونها من شأنه أن يعيد البحث في مجموعة من مشاريع القوانين من الأورثوذكسي الى المختلط الذي جمع النظامَين النسبي والأكثري الى الدائرة الصغرى الفردية أو الى قانون الـ 51 دائرة، فليس هناك ما يشير الى توافق سهل على هذا القانون قبل سنة على الأقل.
وأمّا إذا توصلنا الى قانون جديد سيتحدث عن مهل مهما حدّدت طالت أو قصرت، علينا انتظار ما يؤدي الى تنقيح لوائح الشطب للمقيمين والمغتربين معاً، وفتح المهل أمام الترشيحات والعودة عنها وهي تستلزم على الأقل ستة أشهر إضافية.
أما وقد أنجزنا الإنتخابات النيابية وبات لنا مجلس نيابي مثالي لا يرقى الى شرعيّته شك، فسيكون علينا بدء الإجراءات لانتخاب الرئيس العتيد وفق المراحل المقترَحة، فكم سنحتاج من الوقت؟ وهل سيكون ذلك ممكناً قبل ستة أشهر على الأقل؟
وفق هذا السيناريو الوهمي، عبرت سنتان ونصف على الأقل من اليوم إذا سارت الأمور على الطريقة المثلى بما فيها من مُهل لا يمكن تخطّيها منعاً لأيّ طعن بها أمام المجلس الدستوري. فلذك لن يكون ممكناً الوصول الى مرحلة ملء الشغور في بعبدا قبل هذا التاريخ فنكون عندها في نهاية العام 2017.
ثمّة مَن يسال هل سيتمّ كلّ ذلك بإرادة لبنانية بحتة دون تدخّل أيّ من القوى الإقليمية في كلّ ما يجري؟ وهل ستكون الأزمة السورية قد انتهت ليتفرّغ المتورطون فيها للأزمة اللبنانية؟ ومَن سيدير كلّ هذه المرحلة، وهل سيقبل أصحاب الإقتراح بدور لمجلس النواب أو لحكومة الـ 24 رئيساً لهذه المهمة؟
ولذلك، وبعيداً ممّا هو مطروح لا بدّ من الإعتراف أننا نعيش زمنَ «حوار الطرشان» ونناقش في جنس الملائكة لإمرار المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد الى أن يقرّر العالم لنا طريقة أسهل وأسرع لإنتخاب الرئيس العتيد. فلننتظر!