مكانك راوح وسط النار والبارود. هذا هو الواقع على امتداد منطقة الشرق الأوسط. الحلول الجاهزة أو المعلبة لا مكان لها. انتاج الحلول يتطلب الكثير من حوار الطرشان حتى تصل مرحلة الاستماع فالصياغة. كل نقطة تتطلب نهراً من الدماء أو جبلاً من الدولارات، حتى يتم البناء عليها.
«الاستراتيجية الأوبامية«، في ترك الآخرين يحرقون أصابعهم وحتى أيديهم لنزع «الكستناء» من النار، مستمرة بنجاح عظيم بالنسبة للرئيس باراك أوباما. هذا النجاح يدعم سياسة المتابعة مع بعض التصويب من وقت لآخر. الرئيس أوباما باقٍ حتى نهاية 2016. استراتيجيته مستمرة، إلا اذا وقعت حرب ضخمة تطال الولايات المتحدة الأميركية. الوقائع كلها تؤشر الى هذه النتيجة.
بعد جنيف 1 و2، «منتدى موسكو». أعمال «المنتدى« ونتائجه أكدت أنه ليس أكثر من «مستودع»، للمطالب التي معظمها مرفوضة سلفاً أو مولودة ميتة. الاستعدادات بدأت بعقد منتدى -2 في موسكو أو في غيرها على الأرجح. من مصلحة موسكو تكثيف جهودها حول سوريا، لأنها أخذت تفويضاً ضمنياً من واشنطن. لم يتم تحديد موعد نهائيً لإعلان الفشل أو وضع «القطار» على سكة الحلول. كل شيء بحسابه وفي وقته.
العراق وضعه أفضل، لأن السلطة المركزية مهما كانت ضعيفة، فإنها موضع اتفاق أميركي إيراني. هذا الاتفاق المرتكز على الحرب الشاملة ضد «داعش» لما يمثله من خطر على الأمن القومي الإيراني قائم حتى اقتلاعه. البعض يرى في هذا الهدف نوعاً من الاستحالة. الأغلبية ترى أن اقتلاع «داعش» مسألة وقت، لأنه تنظيم بلا جذور. المشكلة ليست في ضرب «داعش» وإنما ماذا بعد «داعش» سواء في سوريا أو العراق. هل يتم الحفاظ على وحدة العراقيين أو تشتعل حروبً طائفية ومذهبية وعرقية أوسع وأخطر من كل الماضي؟
لبنان، يبدو وكأنه مُعلّق. لا حل ولا انفجار. البحث في مستقبله ليس أولوية، وفي الوقت نفسه ليس مهملاً. ربما يشكل في مرحلة معينة اختباراً مهماً ومنتجاً لإثبات حسن النوايا والعمل لبناء جسور الثقة عبره. إيران أخذت مكان سوريا. معادلة س- س انتهت. معادلة س إ، حلت مكانها. تصريح علاء الدين بروجوردي من القصر الحكومي بعد اجتماعه مع الرئيس تمام سلام يؤشر الى تقديم عرض للتعاون حول لبنان، بانتظار الرد السعودي. السؤال الكبير هل يمكن فصل الحل في لبنان عن الحل في سوريا؟
الربط بين الخارج والحل في لبنان، لا يحول دون تحديد مسؤولية الداخل عن الحل. لا شك أن مسؤولية الموارنة ضخمة جداً. إيمان المرشحين الكبار أن كل واحد منهم هو الحل، وهو الرئيس المنتخب، تلعب دوراً دافعاً للشلل الحاصل.
مجرد اتفاق الموارنة، يتشكل محرك للحل أو على الأقل قوة دفع للبحث عن حل. انقسام الموارنة بين الطرفين الشيعي والسني، يلغيهم لأنه يجعل بقاءهم مربوطاً بالآخر. اتفاقهم يجعلهم قوة ضاغطة تمسك بالقرار. يعملون على أساس هذه القاعدة، أو ينتهي دورهم ولا شيء يضمن بقاء رئاسة الجمهورية لهم في مرحلة الحلول الاقليمية الشاملة. بالنسبة للبنان العجلة ليست من الشيطان. بالعكس التباطؤ من الشيطان على حافة الهاوية.
يبقى، ان استمرار «الاستراتيجية الأوبامية« في التحكم باستمرار الحروب الداخلية مشتعلة في الشرق الأوسط حتى نهاية ولاية أوباما، يعني أنه يجب انتظار انتخاب خليفته في مطلع نوفمبر، ومن ثم تشكيل الادارة الجديدة في 20 كانون الثاني 2017، في مطلع ربيع 2017 يعرف العالم خيار واشنطن.
اذا كان الأمل بخلاص سوريا الممزقة بين «الطاعون الأسدي« و«الكوليرا الداعشية« بعيداً فهل على اللبنانيين الموت في جليد انتظار القرار الماروني في وقت يجري تفريغ المؤسسات اللبنانية واحدة بعد أخرى.