IMLebanon

لا استقرار ولا استثمار بدون توافق سياسي

 

وفي اليوم السادس تنفَّس الناس الصعداء، بعدما كانت الأيام الخمسة من مطلع الأسبوع إلى لحظة اتصال الرئاستين، قد أعادت جزئياً الصورة السوداوية عن أيام الحرب.

تنفَّس الناس الصعداء، لكن رائحة دخان الحرائق ما زالت في أنوفهم وصدورهم، خصوصاً أنَّ شهر شباط، وهو الأقصر بين شهور السنة، يحمل الذاكرة الأطول عن تاريخ ويوميات الحرب اللبنانية:

ما زال اللبنانيون يتذكرون السادس من شباط عام 1984، حين اشتعلت بيروت وعادت إلى زمن الحرب، اختلفت التسميات حيالها آنذاك، فمنهم مَن وصفها بأنَّها سقوط بيروت، ومنهم من وصفها بأنَّها انتفاضة 6 شباط.

وفي الخامس من شباط عام 2006 كانت هناك ما وُصف آنذاك بغزوة الأشرفية للوصول إلى السفارة الدانمركية، رداً على الرسوم الدانمركية الكاريكاتورية التي صدرت في صحف تلك البلاد آنذاك.

وفي الرابع عشر من شباط عام 2005 كان التاريخ الأكبر باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، الذي أحدث اغتياله زلزالاً ما زالت ارتداداته مستمرة حتى اليوم.

وغيرها وغيرها من التواريخ التي يمتلئ بها شهر شباط.

***

اللبنانيون يريدون الخروج من هذه التواريخ، يريدون لشهر شباط، الأصغر بين الشهور، أن يعود إلى رشده. اللبنانيون لم يعودوا يتحمَّلون استفزازات وقطع طرقات وازدهار سوق الأسلحة الفردية وبداية الحديث عن المخاوف المتبادلة. لأنه في هذا الجو كيف بإمكان المستثمرين أن يتحدثوا عن مجيء استثمارات إلى لبنان؟

فما شهده لبنان من تطورات ومن أحداث أخيرة كانت بمثابة الصدمة للجميع، لأنه في حال لم يكن هناك استقرار لن يكون هناك استثمار في البلد، وإذا لم يعالج هذا الموضوع سريعاً سيكون له تأثير أكبر مع مرور الأيام.

فالمعادلة واضحة:

لا استقرار يعني لا استثمار. على سبيل المثال لا الحصر، كشفت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الإئتماني في أحدث تقرير لها، أنَّ مليارين ونصف مليار دولار خرجت من لبنان منذ تشرين الثاني الماضي، وأنَّ هذا الرقم كان مرشحاً للتصاعد بعد الأزمة التي انفجرت أخيراً في البلد.

 

***

هذه الأجواء الآنفة الذكر هي الأساس في كل ما يجري، ولكن الأهم من كل ذلك هو التطلع إلى الأمام، لأنَّ الإستحقاقات الداهمة ما زالت هي هي ولم يتغير شيء منها، بل تجمدت إلى حين معاودة البتِّ فيها.

فالأسبوع المقبل يفترض أن يشهد مضاعفة الجهود للتعويض عما فات من مواعيد في الروزنامة السياسية، في المقدمة يأتي اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي كان مقرراً الإثنين الفائت، لكنَّه أُرجئ بسبب احتقان الأجواء. كما هناك جلسة مجلس الوزراء المرجأة منذ أسبوعين على التوالي:

أُرجئت هذا الأسبوع بسبب الجو المحتقن، وأُرجئت الأسبوع الماضي بسبب وجود رئيس الحكومة في دافوس والرئيس ميشال عون في الكويت.

***

المهم أنَّ جمع الشمل قد عاد، على أمل أن تكون هناك مراجعة معمقة وليس على الطريقة اللبنانية القديمة – الجديدة، وعفا الله عما مضى، لأنَّ هذا الأسلوب مرَّ عليه الزمن.