يتساءَل المواطن العادي الذي يسمع يومياً اتهامات عن مسؤولين «كبار وصغار ومقمطين بالسرار»، وكلام عن رشى وكلام آخر عن صفقات بملايين الدولارات الاميركية (…)، ومن أجل هذا وذاك أحدث رئيس الجمهورية وزارة خاصة سمّاها «وزارة مكافحة الفساد» وعيّـن لها وزيراً مقرّباً جداً منه.
الغريب العجيب أنه بالرغم من مرور أكثر من سنتين على هذه الوزارة فالاكتشاف الوحيد أو الملف الوحيد الذي أثارته هو أنّ مؤسّسة ناجحة جداً يريدون أن يحاسبوا مديرها العام على هذا النجاح.
أحد الضباط السابقين تصدّر شاشة إحدى الأقنية التلفزيونية الإلهية ليتهم عدداً كبيراً من الضباط والعسكريين بأنهم دفعوا آلاف الدولارات لكي يُعيّنوا… وأنّ قابضي الرشى حصلوا على تعويضات وأموال كثيرة وأنّ بعضهم يقوم بمشاريع في اليونان.
المصيبة هنا أنّ هذا الضابط الشريف الآدمي حسابه في البنوك بلغ 30 مليون دولار… والسؤال: هذا الشريف الذي يحاضر في العفة من أين جاء بـ30 مليوناً؟ هل ورث هذا المبلغ من والده، أم أنه جمعه من مرتباته وتعويضاته في الوظيفة؟ وهل حصل عليه بطرائق شرعية أم غير شرعية؟!.
على كل حال، لو كان هناك دولة طبعاً كان الحد الأدنى هو محاسبة هذا الضابط على »المعلومات القيّمة« التي أدلى بها الى المحطة الإلهية وحصلنا منه على أسماء الضباط والعسكريين الذين خالفوا القانون.
كذلك يمكن أن يقول لنا كيف جمع هذه الثروة المحترمة والكبيرة لنتعلم منه كيف تُجنى الثروات، وهل اتبع طرائق شرعية أو أنه لا يحب الشرعية؟!.
المصيبة الثانية أنّ أحد الزعماء الذي أدلى بمعلومات مهمة الى الأجهزة الأمنية ودافع عن المقرّبين منه والذي هرّب الى دمشق… ويُقال إنّ الصديق الشخصي للمرجعية السياسية متضايق جداً من وجوده بعيداً عن أهله وعن أصدقائه الحميمين… وهذا هو الشعور ذاته عن المرجعية…
وهنا أيضاً نقول إنّه لو كان هناك دولة لكنا استفدنا من الاتهامات التي ساقتها المرجعية السياسية.
بالله عليكم من أين يأتي بالمعلومات وهو لا يملك أي جهاز أمني، ولم يدخل في يوم من الأيام في أي جهاز أمني، ولم يخدم في أي مؤسّسة أمنية؟
أمّا المصيبة الأكبر فإنّ أحد السفهاء المشهور بكلامه عالي السقف والذي لا يحترم أي مرجعية ولا يقيم حساباً لأي مسؤول يتحدّى ويهدّد، وهو يجاهر بعلاقته بدولة خارجية ويجاهر أيضاً بدعم الحزب الإلهي له.
المشكلة أيضاً أنّ إحدى المرجعيات السياسية ومعه طويل اللسان يقولان إنّ لديهما معلومات أمنية… والسؤال من أين جاءا بالمعلومات؟ وأين أجهزتهما التي يعتمدان عليها؟!.
أخيراً… في ذكرى أربعين الشهيد بدلاً من أن يكون الجو مفعماً بالحزن والوقار، في هذه المناسبة لم نشهد إلاّ الضحك والتهديد وتبييض الوجوه مع حلفائهم غير اللبنانيين.
وهنا نقول: لو كان هناك دولة هل أمكن لهؤلاء الأبطال أن يقولوا ما يقولونه وأن يهددوا ويتوعّدوا؟ طبعاً كانوا أكلوا…