ما الذي سيلي التوصل الى اتفاق بين مجموعة الدول الست اي الخمسة الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي؟ هل سيفتح ملف سوريا او يفتح ملف لبنان اولا؟
هناك ملفات اخرى على حد السكين في المنطقة بين ايران والمملكة السعودية كاليمن مثلا، لكن بالنسبة الى هذا الجانب المتعلق بالعراق وسوريا ولبنان فانه من غير المرجح ان يكون العراق على الطاولة لاعتبارات عدة في حين ان موضوع سوريا يشكل قلقا مضنيا لكل من الدولتين الاقليميتين وسائر دول الجوار.
فمع ان ثمة موجات متفاوتة حول احتمال ابرام اتفاق قريب بين الدول الغربية وايران، الا ان الاكثر ترجيحا هو ان يتم هذا الاتفاق بعدما حدد موعد جديد لانتهاء المفاوضات في 7 تموز الحالي او حتى لو تم تمديد آخر لاسبوع او لعشرة ايام. فهذا يبدو بمثابة المسلّم به على رغم ان آلية التنفيذ ستستغرق بضعة اشهر ولن تطوى الصفحة كليا بمجرد توقيع الاتفاق. وتاليا فان ما بعد هذا الاتفاق يتمحور على ما اذا كان سيتم العمل على البدء بالموضوع السوري باعتباره أكثر حيوية واهمية بالنسبة الى اطراف اقليميين عديدين كما بالنسبة الى الولايات المتحدة وروسيا، وتاليا يترك لبنان الى ما بعد بلورة تفاهم على الوضع السوري ام انه سيعمد الى البدء بموضوع لبنان انطلاقا من انه الاكثر سهولة وربما يمكن الانتهاء منه بوقت اقصر مما قد تستغرقه المفاوضات حول مستقبل سوريا.
لا اجابة واضحة او محتملة حتى الآن استطاع المهتمون استطلاعها او معرفتها حتى من رؤساء البعثات الديبلوماسية المؤثرة انطلاقا من ان الامر قد يكون رهنا بجملة اعتبارات دولية واقليمية قد يكون ابرزها مدى الاستعداد الاميركي الروسي لتخطي العلاقات المتوترة بينهما فضلا عن تداعيات الوضع السوري ومدى الخطورة التي بات يحملها في ضوء المخاوف من انهيار مفاجىء لنظام بشار الاسد. وليس خافيا ان ثمة رهانات قد لا تكون حاسمة لدى هذا الطرف السياسي او ذاك لكن هناك رهانات تذهب بالبعض الى الاعتقاد ان ما بعد الاتفاق النووي سيسمح لمحور ايران ان يخرج قويا مما يسمح له بفرض شروطه على الآخرين بما فيها تكريس موقع الرئاسة الاولى لفريق معين في حين يراهن بعض آخر في المقلب الثاني على ان اعطاء ايران في ملفها النووي سيتيح الاخذ منها في لبنان بحيث يحصل توافق على جملة الاستحقاقات الداخلية. لكن واقع الامر ان هؤلاء المهتمين وجلهم ممن هم على صلة وثيقة بالمعلومات او المعطيات المتداولة على الصعيدين السياسي والديبلوماسي يخشون ان يؤجل موضوع الاستحقاقات اللبنانية التي يتقدمها موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ضوء عوامل عدة قد يكون ابرزها ان ليس هناك ضغطا ملحا من جانب لبنان او من جانب افرقاء محددين فيه من اجل العمل بقوة على انهاء الشغور الرئاسي من اجل وضع الازمة فيه على الطاولة انطلاقا من ان رئيس الحكومة تمام سلام يقوم بعمل جيد ومطمئن ومريح ما يضمن الاستقرار وعدم القلق من تداعيات درامية في البلد. فثمة من يقول مازحا في هذا الاطار ان العمل الجيد الذي يقوم به سلام بات لا يثير الحاحا من القوى المسيحية خصوصا للذهاب الى الانتخابات، علما ان ثمة من يقول بجدية في هذا الاطار انه في ظل الوضع الشديد التأزم في المنطقة وتصاعد التيارات المتطرفة فان وجود رئيس حكومة سني معتدل يبدو مريحا في ظل عدم القدرة على التوافق على رئيس للجمهورية والاصرار على مرشحين معينين من غير المحتمل الا يشكل وصولهم استفزازا بطريقة ما لهؤلاء المتطرفين في ظل المعطيات الراهنة.
ومع ان التطورات الاخيرة المتصلة بتعطيل الحكومة تثير تساؤلات عما اذا كانت يمكن ان تدفع نحو تأزيم اكبر خطير او الى تأزيم تنتج عنه حلحلة، فان الخارج يتعاطى مع ما يجري في لبنان بالجملة وليس انطلاقا من تفاصيل تتعلق بتعيين هذا او ذاك في قيادة الجيش الآن او بعد حين. فهذه تفاصيل لا تحجب الصورة الكلية التي تخلق ارتياحا لدى الخارج بحيث قد يعتبر كثر ان الوضع المستقر تحت سقف معين قد يتيح او يحتمل التأجيل خصوصا ان بعض الافرقاء يرصد التطورات الاقليمية المتعلقة بسوريا ومعرفة ما سترسو عليه الامور قبل بت الوضع اللبناني، على رغم الاعتقاد الواسع انه ايا تكن الحال فانه سيكون متعذرا المجيء برئيس ينتمي الى فريق معين وفق ما تستمر عليه التجاذبات الداخلية حتى الآن. أضف الى ذلك ان عدم التوافق المسيحي من جهة وعدم الاستعداد للتسوية على هذا الصعيد من جهة اخرى يُفقد الدول المهتمة كفرنسا والفاتيكان مثلا ورقة مهمة للضغط في اتجاه أولوية الملف اللبناني على الملف السوري باعتبار ان الوسطاء في حال قاموا بالوساطة او متى قاموا بها لا يملكون أوراقا ضاغطة من الداخل المسيحي واللبناني. ويعيد المهتمون المعنيون الى الاذهان ان الموفد الفاتيكاني الكاردينال دومينيك مومبرتي الذي زار بيروت أخيرا لم يحصل من الافرقاء المسيحيين خصوصا على ما قد يسهل مهمته من أجل محاولة تأثير الفاتيكان في الخارج.
ولهذه الاعتبارات وسواها فإن الرهان على حلول في ايلول تبدو معبرة عن تمنيات أكثر منها عن حقائق او معطيات ملموسة في انتظار بروز معطيات اخرى تدفع في الاتجاه المعاكس.