Site icon IMLebanon

لا فريق يستطيع إلغاء الآخر في لبنان تعطيل الانتخابات الرئاسية لا يعالج بتعطيل

لو كان تعطيل عمل الحكومة أو استقالتها يعجلان في انتخاب رئيس للجمهورية، لكان الرئيس تمام سلام أول من يستقيل. ولو أن تعطيل عمل مجلس النواب يعجل في انتخاب رئيس للجمهورية لكان الرئيس بري أول المعطلين لكي يبقى المجلس هيئة ناخبة لا عمل لها سوى انتخاب رئيس. ولكن تبين ان التعطيل هو الذي أجّل التعيين واعتمد التمديد، وان مداواة التعطيل بالتعطيل ليس علاجاً بل موتاً ويصح فيه القول “وداوني بالتي كانت هي الداء”…

لذلك تقع على القيادات في لبنان مسؤولية تقرير مصير لبنان ومؤسساته. فاما الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لأن أي بيت لن يكون صالحاً للسكن من دون سقف يحمي ساكنيه من شدّة البرد وحرّ الشمس، حتى إذا تعذّر عليهم ذلك وجب الاتفاق على ابقاء خيمة الحكومة وخيمة مجلس النواب لتقيا من فيهما ريثما يحين الوقت لترميم سقف البيت.

لقد تضافرت القوى العربية والاقليمية والدولية من أجل التوصل الى تشكيل حكومة الرئيس سلام بعد مخاض عسير دام زهاء 11 شهراً تعويضاً للشغور الرئاسي، فهل ما زالت هذه القوى متفقة على بقائها واعتبارها خطاً أحمر الى ان يملأ هذا الشغور برئيس مناسب للظرف المناسب؟

الواقع أن أي خلاف بين هذه القوى على مصير الحكومة سوف يكشف حقيقة النيات حيال لبنان كما ظهرت حقيقة النيات في الماضي حيال اتفاق الدوحة، عندما أوعزت سوريا الى حلفائها في لبنان بالاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري ليس نسفاً لهذا الاتفاق فقط إنما نسفاً لمعادلة “السين – سين” أي السعودية وسوريا التي كانت تعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة في لبنان تتضمن تقديم سلاح “حزب الله” للدولة مقابل عفو عام عن كل جرائم الاغتيال بما فيها جريمة اغتيال الرئيس الحريري.

لكن سوريا التي كانت لها حسابات في لبنان أسقطت هذه المعادلة وفرضت حكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي التي استقالت تحت وطأة تدخل “حزب الله” في الحرب السورية لمساندة النظام فيها.

والسؤال المطروح هو: هل تفعل ايران في لبنان ما فعلته سوريا بافتعال 7 أيار من نوع آخر أي 7 أيار سياسي واقتصادي واجتماعي، لأن 7 أيار الأمني ممنوع؟ وما أزمة النفايات والكهرباء والدعوة الى التظاهرات والاضرابات والاعتصامات سوى أول الغيث توصلاً الى اسقاط الجمهورية اللبنانية واسقاط نظامها بحثاً عن جمهورية جديدة ونظام جديد، يكون “التيار الوطني الحر” رأس الحربة فيه كما كان “حزب الله” رأس حربة 7 أيار الامنية التي أوصلت البلاد الى مؤتمر الدوحة، الذي فرض على كل القيادات في لبنان انتخاب رئيس للجمهورية بتشكيل حكومة وحدة وطنية توزعت المقاعد فيها والحقائب حصصاً بين القوى السياسية الأساسية، واجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الستين معدلاً تعديلاً طفيفاً توصلاً الى إمراره. وقد سلّم الجميع بذاك الاتفاق وان كان مخالفاً للدستور. فهل في نية إيران ان تذهب بلبنان الى دوحة جديدة، غير معروف مكانها بعد اذ تكلّف “التيار الوطني الحر” تطيير الحكومة من الداخل وطبعاً معه “حزب الله” في التوقيت الايراني.

إن الجواب هو عند ايران فإما انها تريد بصدق ان يبقى لبنان مستقراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً كما تقول وتعلن فتدعم بناء الحكومة الى حين يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وتدعم أيضاً استمرار عمل مجلس النواب ولو في حده الأدنى بحكم الضرورة، أو أن ايران تريد للبنان خلاف ذلك وما ابتسامات وزير خارجيتها محمد جواد ظريف سوى كقول الشاعر: إذا رأيت نيوب الليث ظاهرة فلا تظنن أن الليث يبتسم”…

إن على اللبنانيين أن يعلموا أن ما من طائفة في لبنان الا وارتكبت خطايا في حقه واستقوت بخارج كي تنتصر على شريكة لها في الوطن، فيرد عليها بالاستقواء بخارج آخر ويأتي بدور آخر من دون أن تتعلم اي طائفة من تجارب الاستقواء بالخارج الذي لا يحمي أحداً في لبنان بل يحمي نفسه. فلا أحد في لبنان يستطيع أن يلغي الآخر لا بقوته الذاتية ولا بقوة غيره. فلتكف إذاً أي طائفة من الطوائف عن اصابة نفسها بمسّ جنون في مرحلة دقيقة تجعل لبنان كله في جنون، ولا يبقى له سوى رب يحميه من اعداء الداخل والخارج.