عناصر «سرايا أهل الشام» يغادرون الجرود خلال الساعات المقبلة
لا للإلهاء والفتن في معركة.. «كل الوطن»
في الوقت الذي يقف فيه البلد أمام استحقاق مصيري عنوانه العريض إنهاء وجود تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك وما يُمكن أن يُرافقه من أخطار مُحدقة تتربّص به في أكثر من مكان، وفي ظل التحضيرات والمواكبة المتعددة التي يقوم بها الجيش لهذه المعركة وهي المرّة الأولى ربّما التي يشهد فيها لبنان، هذا الكم من التأييد والدعم السياسي للمؤسسة العسكرية، ثمة من أراد التصويب على هذه الأخيرة وإلهائها عن معركتها المفصلية، من خلال تسريب «أخبار» ومعلومات من شأنها أن تضر بالجيش وسمعته مثل «الرشوة» و«الفساد»، علماً أن قيادة الجيش أكدت أكثر من مرّة، أنها لن تتهاون في هذا الملف وسوف تسير فيه حتّى النهاية عن طريق القضاء، للكشف عن كافة ملابساته مهما كلّف الأمر وتحت أي ظرف.
على الرغم من توجيه العديد من السهام للمؤسسة التي تتحضر في هذه الفترة، لخوض معركة كل لبنان ضمن عقيدة «شرف تضحية وفاء»، وإشاعة أجواء سلبية هدفها حرف الأنظار عن الإستحقاق الميداني المُرتقب والتقليل من حجمه، يُصرّ الجيش على خوض معركة الجرود بدعم سياسي غير مسبوق ومجهود يفوق كل هذا التشكيك وبالتالي حسم الأمور لصالح البلد كلّه من دون الرضوخ إلى شروط أو حتّى الجنوح نحو تسويات لا يكون فيها مكسباً وطنيّاً جامعاً، أقله خروج العسكريين المخطوفين لدى «التنظيم»، أو أقله، معرفة مصيرهم والخطوات التي يُمكن ان تُتخذ لفك أسرهم. وهذا وحده فقط، يُمكن أن يحمل قيادة الجيش، على تعديل أو تأجيل المعركة المرتقبة بين ساعة وأخرى.
يُمكن القول لا بل الجزم، أن التوافق السياسي والعسكري، أفضيا إلى جملة أمور إيجابية على رأسها، التعاطف الشعبي مع الجيش والإلتفاف حول القيادة السياسية في البلد، خصوصاً وان المعركة اليوم، هي معركة كل لبنان بكل أطيافه، وليست معركة فئة أو حزب أو مذهب. وهنا تؤكد مصادر عسكرية لـ «المستقبل» أن «لا شيء يُمكن أن يُلهي الجيش عن معركته الرئيسية في وجه الإرهابيين، وأن جميع الحرتقات التي قد تأتي من أي جهة، سوف تزيد من عزيمة الجيش، ضُبّاطاً وعناصر، وهم الذين أصبحوا ينتظرون ساعة الصفر، لتلقين هذا العدو دروساً في الحرب والعزّة والكرامة، وسوف يكشفون زيفه وحجمه الفعلي، مهما قلّت أو كثرت الجهات الداعمة له. والأهم، أن الجيش سيخوض هذه المعركة، مُتسلّحاً بإمضاء الشعب اللبناني وبتفويض منه، لخوض معركة الشرف والعنفوان معه وعنه، مصحوباً بإنجازات نوعية وأمنية وإنسانية، تسمح له بالخروج من المعركة منتصراً ومرفوع الرأس».
في المعلومات المتعلقة ببقاء عناصر «سرايا أهل الشام» في جرود عرسال، وتحديداً في منطقة وادي حميد، تؤكد المصادر أن «هؤلاء سوف يرحلون اليوم من الجرود، أو خلال الساعات المقبلة على أبعد تقدير. وسواء جرت عرقلة هذا الموضوع أو إنجازه كما هو مأمول، فإن الجيش قد اتخذ قرار المواجهة مهما كان حجم الظروف». أمّا ما يُحكى عن ضرورة حماية ظهره من جهة جرود عرسال في ظل وجود عناصر «السرايا»، فتؤكد المصادر أن «الجيش هو وحده كفيل بحماية نفسه كما أن وحداته وقطعاته العسكرية المُنتشرة هناك، قد اتخذت كل ما هو مطلوب منها لتأمين ظروف المعركة والذهاب بها نحو النصر المؤكد.
وفي السياق نفسه، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أمس، أن»اتفاق عودة سرايا أهل الشام مع عائلاتهم أنجز، و300 مسلح وعائلاتهم ومدنيون سيعودون بملء إرادتهم إلى بلدة عسال الورد السورية«. كما أكد الاعلام الحربي التابع لـ»حزب الله«أمس، ان»من المقرر اليوم أن تبدأ ترتيبات خروج 350 مسلحاً من السرايا وعائلاتهم في اتجاه الرحيبة السورية في القلمون الشرقي«. وفي المعلومات، أن المجموعات المسلّحة هي بإمرة شخص سوري معروف بـ»العمدة«، في وقت سيُغادر فيه المدنيون الى الرحيبة بإمرة»ابو طه العسالي«.
ومن المعروف أن هذه»السرايا«، كانت وقبل وقوع معركة جرود عرسال بين»حزب الله«وجبهة النصرة»، قد اتخذت قراراً بالمغادرة في اتّجاه سوريا، كما انهم في مرحلة من المراحل اقاموا حاجزاً بين مواقع «جبهة النصرة» ومواقع «داعش» منعاً لتسللهما في اتّجاه وادي حميد ومخيمات النازحين في عرسال. وفي هذا الصدد، أكد رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري في حديث صحافي أمس، أننا نسمع في كل يوم عن اعداد لوائح باسماء العائلات التي ترغب بالمغادرة في اتّجاه عسّال الورد«، مشيراً الى أن»باب العودة فُتح وحماسة النازحين بالعودة تزداد، وهذا أمر يُريح عرسال اقتصادياً«.
في قلب المعركة المُنتظرة وعلى ضفّة الإنتظار للموعد المُرتقب، تؤكد المصادر العسكرية أن»الجيش يقوم بالتحضيرات اللازمة، هناك اعتدة وسلاح ودعم لوجستي على كافة الجبهات. وحدات الجيش على أهبة الاستعداد لساعة الحسم. تنظيم «داعش» موجود وهو يُسيطر على مساحات من أراض لبنانية. لدينا عسكريون أسرى. كل هذا، يؤكد أن الإرهاب ما زال قائماً وبالتالي التحضير واجب ولا يجب التعاطي مع هذه الحالة، وكأنها أمر مفروغ منه أو الإنتقاص من دور الجيش«. وتضيف: وحدها القيادة العسكرية التي تمتلك كلمة السر لفتح المعركة. ولا بد من القول، أنه من الصعب جداً، الدخول في مفاوضات مع تنظيم داعش. لديهم عقيدة وعقلية خاصة لا تُتيح فتح أي عملية تفاوض معهم. لكن من يدري، كل هذا التعنّت والتصلّب في مواقفهم، قد يفرط في لحظة ما، تحت ضغط النيران». وأبرز ما يُمكن قوله في هذا المجال بحسب المصادر العسكرية، أن «أجندة الجيش داخلية ووطنية وأمور الحسم متعلقة بقرار من القيادة فقط».
وبين المهم والأهم، يبقى القول أن وقائع الميدان في الجرود، هي التي ستفرض نفسها خلال المعركة.