IMLebanon

لا مواجهة تركية – روسية

تجزم مصادر ديبلوماسية غربية بأن التوتّر التركي ـ الروسي، قد وصل إلى حدّه الأقصى في الأيام الماضية، وأن وتيرته ستتراجع إعتباراً من المرحلة المقبلة، وذلك بعدما وصل كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيّب أردوغان، في تصعيدهما، المستوى الذي تسمح به الأوضاع القائمة في المنطقة، وخصوصاً معادلة توازن القوى بين حلف «الناتو» من جهة، وروسيا من جهة أخرى، وذلك في ضوء العنوان العريض الذي يجمع الطرفين، وهو القضاء على الإرهاب.

وأوضحت هذه المصادر، أن لجم التوتّر المتصاعد، هو قرار ذاتي روسي وتركي قبل ان يكون قراراً أوروبياً، كما ظهر بالأمس من خلال مساعي الإتحاد الأوروبي لتهدئة تركيا، ووفق تصاعد وتيرة التأزّم على الحدود السورية ـ التركية، إلى جانب الحصول من تركيا على تعهّد بالمساعدة على إيجاد حلّ لحركة نزوح اللاجئين السوريين من أراضيها إلى أوروبا.

وفي هذا المجال، فإن المصادر الديبلوماسية نفسها، أكدت أن روسيا وتركيا لا تستطيعان اليوم الإنخراط في أي مواجهة مباشرة، وأن الخطوات العقابية الروسية بحق أنقرة شكّلت الردّ الفعلي على حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، وذلك في ظل غياب أية خيارات أخرى، وتحديداً خيار الحرب أو توجيه ضربة عسكرية إنتقامية من قبل روسيا إلى أهداف تركية، علماً أن الجانب التركي عاجز عن الإقدام على أية خطوة في سياق ردّة الفعل، وأن ما أقدم عليه بإسقاط طائرة «السوخوي» الروسية، يُعتبر الخطوة الوحيدة المتاحة في الظروف الحالية.

من جهة أخرى، أوضحت المصادر الديبلوماسية ذاتها، أنه من الناحية القانونية الدولية، فإن أنقرة تتّكل على حلفائها في «الناتو» لدعمها، وذلك بفعل الإتفاقية الأمنية القائمة، وبالتالي، فإن الإدارة الأميركية تقف إلى جانب تركيا في هذه المواجهة من حيث المبدأ، لكنها أكدت في الوقت نفسه، أن ما من قرار أميركي أو غربي بالذهاب نحو أي مغامرة من أي نوع في منطقة الشرق الأوسط، فيما تجتمع كل من واشنطن وروسيا وموسكو على سياسة موحّدة ضد الإرهاب وضد تنظيم «داعش»، والتي باتت تختصر كل المواقف وتشكّل نقطة التقاء العواصم الغربية كما الإقليمية. وأضافت أن انخراط تركيا وروسيا في التحالف الدولي ضد «داعش»، يجعل من الدول الأعضاء في هذا التحالف أمام تحدي العمل على التخفيف من حدّة التصعيد من خلال الوساطة الأوروبية تحديداً بين البلدين، علماً أن ما من مجال لأي طريقة أخرى لحلّ الخلاف الناشئ، وذلك بصرف النظر عن كل الإجراءات العقابية الروسية بحق تركيا، والردّ التركي الساعي إلى تهدئة الوضع واستغلال قمة «المناخ» المنعقدة في باريس، لمحاولة رأب الصدع وإصلاح العلاقات مع موسكو.

وفي سياق متصل، أكدت المصادر الديبلوماسية نفسها، أن أكثر من عاصمة غربية وخليجية دخلت على خط الوساطة لتخفيف الأزمة بين تركيا وروسيا، وذلك عبر القنوات الديبلوماسية، لافتة إلى أن الحل الديبلوماسي لهذه الأزمة هو الخيار المناسب حالياً لأكثر من دولة غربية وفي مقدّمها الولايات المتحدة الأميركية، التي تركّز على الحل السياسي، وعلى وجوب إصلاح العلاقات بين البلدين، والحدّ من تفاقم الخلافات الناشئة، وهو ما يظهر بوضوح من خلال دفع تركيا إلى السعي لاحتواء التوتّر وإبداء الإيجابية تجاه روسيا، رغم قرار أردوغان السابق برفض الإعتذار عن حادثة إسقاط الطائرة الروسية.