يكشف زوار العاصمة الأميركية، أن كل ما يطرح اليوم على الساحة اللبنانية من سجالات حول مسائل مرتبطة بالوضع الميداني والسياسي في سوريا، هو مجرّد عملية «تقطيع» وقت بانتظار النقاش الجدّي في عملية التسوية السورية، والذي بدأ اليوم في اللقاء المباشر بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هامبورغ، وذلك في إطار قمة الـ 20. وبصرف النظر عن الضجيج الذي يرافق انعقاد هذه القمة، فإن ما سيتحقّق على هامش اللقاء المباشر، يتخطى كل التوقّعات، سيما أن الطرفين باتا أمام حتمية العمل على التوصل لحل سياسي في سوريا، تزمناً مع القضاء على تنظيم «داعش»، والذي يشكّل الهدف الأول لدى الرئيس ترامب، كي يوظّف إنجازه هذا في الداخل الأميركي حيث تحاصره الأزمات المتعدّدة.
وخلافاً لما يتم التداول به عن تضارب في وجهات النظر الروسية والأميركية تجاه الصراع السوري، فإن هؤلاء الزوّار أكدوا أن ما حصل حتى الساعة من تغييرات ميدانية، يؤشّر إلى اتفاق أو تقاطع بين موسكو وواشنطن على أولوية المناطق المحايدة، أو مناطق «خفض التوتّر» كما تتم تسميتها اليوم في الأوساط الديبلوماسية. ولذلك، فإن كل السيناريوهات حول مواجهة أو تصادم أو اختلاف في الأجندة بين الإدارتين، لا ترتقي إلى الواقع، لأن الجانبين يدركان أهمية التفاهم بينهما كونه المدخل إلى إرساء الهدنة أو التسوية، وذلك بعد عملية تحديد ورسم خارطة النفوذ العسكري والسياسي لكل القوى الموجودة في الحرب على الأرض السورية، بالإضافة إلى الدول المؤثّرة فيها بشكل مباشر، من دون أن تكون لديها قوى عسكرية على الأرض.
وفي حين يعتبر هؤلاء، أن أهداف واشنطن من التسوية تختلف عن أهداف موسكو، فقد أكدوا أن الحاجة إلى تحقيق هذه الأهداف، قد حتّمت تعاوناً من تحت الطاولة في سوريا، وأسّست لما يشبه التفاهم ولو بشكل جزئي على الخطوط العريضة للتسوية المقبلة، ولو أن هذا الأمر لن يعني وقف العمليات العسكرية التي ستستمر، ولكن بطريقة مختلفة من خلال ضربات محدودة توجّه في غالبيتها لفلول التنظيمات الإرهابية. وفي هذا المجال، فإن الرئيس بوتين لا يريد إطالة أمد الحرب، ويعمل على إرساء تهدئة في المناطق التي لا تزال خارج سيطرة النظام السوري، كما أنه يريد استدراج الرئيس ترامب إلى التعاون معه على الساحة السورية، وهو يتعاطى مع الإتجاهات الأميركية بإيجابية لغايات خاصة أهمها، الحصول على اعتراف أميركي بدور موسكو في أوروبا الشرقية، وبدء العمل على رفع العقوبات عنها من خلال مساعي أميركية.
وفي المقابل، فإن واشنطن، بحسب زائريها أنفسهم، تهدف إلى تحقيق انتصار على تنظيم «داعش» في الرقّة، وتترك للقوى الأخرى قتال «داعش» في دير الزور. ولذلك، فهي ستناقش مع موسكو عملية التسوية، ولكن وفق شروط تناسب إسرئيل في الدرجة الأولى، وتتفهّمها موسكو ولا ترفضها.
أما بالنسبة للوضع اللبناني وما يعانيه من ارتدادات الصراع السوري، وخصوصاً ملف اللجوء السوري السجالي في هذه المرحلة، فقد اعتبر هؤلاء الزوّار أن كل ما يتم التداول به حول عودة اللاجئين هو سابق لأوانه، لأن القوى الأساسية التي سترسم خط سير عودة اللاجئين إلى بلادهم لم تتّفق بعد على هذا الموضوع، وبالتالي، فهو مؤجّل في الوقت الراهن.