IMLebanon

لا حرب مباشرة في الخليج بل اشتباكات بالواسطة!

                       

يستبعد المتابعون أنفسهم من قرب لحركة “حزب الله” الداخلية والخارجية كما للحركة الإيرانية عموماً وصول المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى حرب عسكريّة مباشرة بينهما. السبب الذي يدفع الأولى إلى هذا الموقف هو رفض أميركا حرباً كهذه لأن لا مصلحة لها أو للمنطقة فيها بكل دولها. والسبب الثاني هو أنها ليست وحدها على “قدر هذا الحِمل” في رأي طهران وعواصم إقليمية ودوليّة عدة، رغم أن قوتها العسكريّة مهمّة وخصوصاً بتسليحها المتميّز حجماً ونوعاً. أما السبب الذي يدفع الثانية إلى الموقف نفسه، فهو أنها تعتمد التخطيط لكل خطواتها السياسيّة والعسكريّة وتبتعد عن الانفعال في أثناء قيامها بذلك. كما أنها تعرف، وربما بسبب تاريخها الطويل القومي ثم الإسلامي فالمذهبي الشيعي، كيف تكتم “المرارات” التي تشعر بها، وخصوصاً بعدما صارت الباطنية إحدى سماتها، لا بل إحدى سمات الشيعة في العالم ومعهم “شِيَع” أخرى مسلمة لا تتميّز بكثرة عدد أبنائها. وقد ظهر ذلك مليّاً عندما استمرّت القيادة في طهران ومنذ سنوات، وخصوصاً بعد وصول “المعتدل” الشيخ حسن روحاني إلى رئاسة الجمهوريّة والسيد محمد جواد ظريف إلى وزارة الخارجية، في مطالبة المملكة بالتحاور حول كل القضايا التي تفرِّقهما. طبعاً لم تُواجَه هذه المطالبة المستمرّة بالتجاوب لأن المسؤولين في الرياض يعرفون تماماً الباطنيّة المشار إليها أعلاه ودهاء أصحابها في العمل، ولذلك فإنهم خشوا أن تكون إيران تحاول بذلك استمالة السعودية إلى صفّها، أو بالأحرى إلى وضع ورقتها في يدها لاستعمالها مع أوراق إقليمية أخرى في صراعها العسكري مع أميركا بالواسطة أو التفاوضي المباشر حول النووي أو غيره، ويعرف هؤلاء المسؤولون أن ذلك ليس في مصلحتهم.

لكن الاستبعاد الواضح والقوي للاشتباك العسكري المباشر بين السعودية وإيران لا يعني، في رأي المتابعين أنفسهم من قرب لحركة “الحزب” وحليفته إيران، أن شيعة المملكة في المنطقة الشرقيّة (الإحساء والقطيف) لن يتحرّكوا ضد الحكم في بلادهم من مُنطلقات سياسيّة واجتماعيّة ومن مُنطلقات مذهبية، والتحرّك قد يكون بقيام أفراد من هؤلاء أو مجموعات بعمليّات عنفيّة محدودة “تنقِّز” وتهدَّد، لكن لا تتسبّب بحرب أهلية داخلية. فحرب كهذه ليست في وارد هؤلاء الشيعة ولا إيران ولن تكون، إلاّ ربّما في حال الاضطرار دفاعاً عن النفس، والسبب هو أن نتيجتها ستكون مجزرة للشيعة. إذ لا توجد حدود بريّة لمناطقهم مع إيران الإسلامية الشيعيّة يمكن بواسطتها تقديم الدعم لهم وكل ما يحتاجون إليه للدفاع عن أنفسهم، ولا مع العراق “الحليف” الموثوق به لإيران. وهذه ليست حال شيعة البحرين القادرين على “مُشاغلة” السلطات فيها والقوى الأمنيّة بالعنف والشدّة وعلى مواجهتها، أولاً بسبب كونهم غالبية مهمّة في الشعب البحراني (نحو 70 في المئة)، وثانياً لأن بحرهم مفتوح ويمكن استعماله ممراً لـ”تهريب” ما يحتاجون إليه من دعم بالسلاح والذخائر والمال وما إلى ذلك. وهذه تقريباً حال شيعة الكويت. فهم قادرون على مواجهة السلطة في بلادهم أولاً لأن عددهم غير قليل فيها إذ يقارب الـ 30 في المئة. وثانياً لأن لهم حدوداً برّية مع العراق وهو حليف لإيران وربّما أكثر من حليف.

هل تسكت المملكة العربية السعودية على الحركشة الأمنية الشيعيّة المدفوعة والمدعومة من إيران الإسلامية؟

تستطيع أن تردّ على إيران داخل أراضيها وتحديداً في المناطق ذات الأكثريّة السنيّة، وهي في غالبيتها على الحدود الإيرانية – الباكستانيّة. ومعروف أن حركات نشأت في تلك المناطق أو ربّما تنظيمات بعضها انفصالي وبعضها مذهبي. كما أنّها تستطيع أن تردّ في منطقة “الأهواز” عربياً أو خوزستان إيرانياً التي كانت منطقة عربية ضمّتها إيران إليها في ظروف معيّنة. ويكون ذلك باستعمال الشعور العربي الذي لا يزال موجوداً، وربّما الشغور بالغبن أو بالأحرى بالتمييز في المعاملة بين أهلها العرب والإيرانيّين غير العرب. علماً أن في إمكان المملكة الردّ بواسطة الأكراد الإيرانيّين الذين يطمحون مثل أشقّائهم الأتراك والسوريّين والعراقيّين إلى استقلال ما أو إلى حكم ذاتي، والذين تعرّضوا في الماضي إلى عمليات قمع متنوّعة.

هل تنجح السعودية في ردِّها على إيران سنيّاً وعربيّاً وكرديّاً؟

ملاحظة: ذاكرتي قويّة إلا في الأسماء. ذكرتُ إسم “حسين النشار” في “الموقف” أمس وكان يجب أن أذكر “حسين الصفّار”. فعُذراً.