IMLebanon

ليس بالقنابل وحدها  يموت النظام المصرفي

ليس جديداً أن تتراكم الأخطار في لبنان وعليه. لا أمنياً ولا سياسياً ولا مالياً واقتصادياً. الجديد هو التسليم بالعجز عن مواجهة الأخطار وعن الامساك بأية فرصة تلوح في الأفق. وهو الاستسلام أمام القوى التي تحرس الستاتيكو الخطير الحالي وتمنع الخروج منه وعليه. وكله مصحوب بالرغبة التقليدية في تكبير المخاطر وامتداح الحكمة في التكيف معها ونفي الجدوى من أي مسعى لتغيير الواقع.

ذلك ان ما نراه ونسمعه بعد التفجير الارهابي الذي استهدف بنك لبنان والمهجر هو مباريات في المبالغة في تصوير الاخطار على القطاع المصرفي ولبنان. وما يعرفه الجميع ان الخطر الجدي حالياً هو رفض تطبيق العقوبات المفروضة على حزب الله بقانون اميركي سياسي ضمن حرب محاور اقليمية ودولية، بما يقود الى فرض عقوبات أخطر على لبنان كله عبر اخراجه من النظام المالي العالمي.

اما تفجير قنبلة على جدار مصرف، فان من المبالغات وضعه في اطار تدمير القطاع المصرفي. وأما التدمير الفعلي، فإنه في حاجة الى تطبيق سيناريو يوم القيامة يقرر السير فيه طرف قوي. وهو قرار جنوني يقود الى خسائر أكبر يدفعها لبنان وكل اللبنانيين، وفي الطليعة الطرف صاحب المغامرة.

أكثر من ذلك، فان الدعوات الى تحييد القطاع المصرفي عن الوضع في لبنان على غرار الدعوات الى تحييد الاقتصاد عن السياسة، هي دعوات خارج الواقع. كذلك الدعوات الى فصل الوضع اللبناني عن الأوضاع المشتعلة في سوريا والعراق واليمن والمأزومة في دول أخرى. فالنظام المصرفي، على الرغم من دقته ودوره والحاجة اليه في كل شيء، مرتبط بالنظام اللبناني وليس خارج التأثر بالسياسات والأوضاع العامة. والوضع اللبناني مرتبط بالأوضاع في المنطقة، سواء لجهة التأثر بما يحدث فيها حتى بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية والنيابية وتأليف الحكومات، أو لجهة التأثير فيها عبر انخراط حزب الله في حرب سوريا بشكل خاص.

وكل الاعتبارات الداخلية تدعو الى ملء الشغور الرئاسي كمفتاح لاعادة تكوين السلطة: من الأزمة السياسية الى الركود الاقتصادي مروراً بتحديات القطاع المصرفي وصولاً الى المخاطر الأمنية التي هي أكبر من خطر الخلايا النائمة التابعة لداعش والنصرة والتي تنجح الأجهزة بين وقت وآخر في تفكيك بعضها. وكل البيانات الخارجية تدعو الى انتخاب رئيس بأسرع ما يمكن وتوحي ان الدول التي نطالبها بفكّ عقدة الرئاسة ترفض التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وتعلن ان اللعبة في أيدي اللبنانيين.

لكن الستاتيكو مستمر. فالمسافة بعيدة بين الاعتبارات المنطقية وبين الحسابات السياسية. وكل ما لدينا في مواجهة الأخطار والامساك بالفرص هو أسوأ حكومة باعتراف رئيسها تمام سلام.