تسع وعشرون جلسة نيابية ولا نصاب!
ومع ذلك فإن الجلسات مستمرة،
ولا أحد يعرف من هو النصاب الذي يستدرج السادة النواب الى هذه المهزلة!!
طبعاً من حق الرئيس بري، أن يدعوهم الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
إلاّ أن نصف أعضاء المجلس، أو أقل، يدركون انهم يَلْعبون يحضرون، وهم يدركون ان النصاب القانوني لن يكتمل.
كان النائب الراحل المهندس نسيب لحود، وهو من نجوم ١٤ آذار، يدرك ان هذه اللعبة النيابية يصعب أن تكتمل.
لكنه، رحل، قبل أن يبصر النور على اكتمال هذا الحلم.
إلاّ أن رئيس البرلمان، ومعه ٨ و١٤ آذار والمستقلون، كانوا يدركون ان نصاب الثلثين، هو مخرج لا بد منه، ليخرجوا من الصراع الى الانتخاب.
وقد يكون هذا هو الحل الذي يتفادى به، النواب كارثة التجزئة النيابية.
ولا أحد يدري حتى الآن، ما هي الفلسفة النيابية التي تجعل نصف أعضاء المجلس زائد واحداً، من العيوب السياسية أو من الجذور الناقصة في العقد الاجتماعي اللبناني.
***
تسع وعشرون جلسة، ولا جلسة واحدة جعلت النصاب القانوني يقترب من الانعقاد.
إلاّ أن ما حصل في جلسة الأمس، لم يكن اشارة حسنة بحق البرلمان.
من حق النواب تبادل الملامات والمسؤوليات عن سوء الأزمات الاجتماعية والحياتية.
الناس بدها تعيش في سلام واطمئنان.
وهذا يَسري على الفساد السياسي المتفاقم في البلاد.
وعلى غياب الكهرباء.
ومن يتحمّل مسؤوليات الانهيار الاجتماعي.
إلاّ أن تبادل السادة النواب الشتائم حيناً، والاتهامات أحياناً لا يليق بالمستوى النيابي.
طبعاً، من حق أي نائب أن ينتقد نواباً آخرين.
شريطة أن تبقى ملاحظاتهم في الأصول النيابية.
كان النائب عبدالله الحاج في الأربعينات يضطر الى رشق زميل له، بنقد لاذع، لكنه لم يسمح لنفسه أن يورد على لسانه عبارة نابية.
حصل ذلك مرات قبل نصف قرن.
وان زلّت عبارة غير لائقة على لسانه كان يُسارع الى الاعتذار.
عندما أراد لبنان ارسال وفد نيابي الى باريس، لمفاوضات الجلاء، اختارت الحكومة البرلماني العريق حميد فرنجيه لرئاسة الوفد.
إلاّ أن رئيس مجلس الوزراء رياض الصلح، وقف وطلب الانضمام الى وفد يرئسه وزير الخارجية.
وبرّر رياض الصلح قراره، بأن خدمة لبنان في المحافل الدولية، لا تتوقف على رئيس أو وزير.
***
لماذا حصل ما حصل أمس في البرلمان.
لماذا اضطر نائب في كتلة التيار الوطني الحر، أن يرد على وزير سابق ونائب حالي في تيار المستقبل.
ليس هنا مجال للكلام عمن هو صاحب الحق، في إبداء رأيه، أو في الرد على الوزير السابق للرياضة وللداخلية.
وبين الحقيبتين روح السماح والانفتاح.
طبعاً، أيضاً للوزير أن يقول ما يريد.
وللنائب أن يعقب عليه بما يريد.
إلاّ أن للتهذيب السياسي أصولاً وقواعد.
وليس أحد الآن في وارد البحث في النهج السياسي.
لكن من حق السياسي ان يدافع عن لقبه.
ولو وردت، في معرض الكلام، تعابير نابية أحياناً.
كان النائب الشيخ بهيج تقي الدين، في مساجلة سياسية مع العميد ريمون اده، على الشاشة الصغيرة.
إلاّ أن أحداً لم يسجل على أحد منهما انه خرج عن طوره، مع أن واحداً منهما كان وزيراً للداخلية.
وفي نهاية المواجهة السياسية الحادة، وقف الاثنان وتبادلا المصافحة والمصالحة، وكأن الخناق السياسي لم يُعطّل في الصراع مودّة واحتراماً.