IMLebanon

عقدة… عقدتان… وثلاث

 

يوم الجمعة الماضي زفّ الرئيس المكلّف الشيخ سعد الحريري تباشير «النبأ السعيد» متفائلاً بقرب تشكيل الحكومة، وبدورها تدافعت وسائط الإعلام الى نقله الى اللبنانيين، وهو ما حفلت به نشرات الأخبار التلفزيونية (ليل الجمعة) وعناوين الصحف صباح السبت.

 

لم تدم «الفرحة» طويلاً. إذ إن «الجو» بدأ يتقلب يوم الأحد، ليتبيّن أن الطبخة لم تستوِ بعد. ولم يلبث الوجوم أن سيطر، ليستأنف التصعيد منذ صباح أمس الإثنين وحتى اليوم من دون بوادر حلحلة. والعكس صحيح فالصعوبات أخذت تتعمق، والعقد التي كان يؤمل التوصل الى حل لها أخذت تزداد تعقيداً!..

ماذا جرى في الساعات الأربع والعشرين التي فصلت بين الإنفراج والتصعيد؟

واقعاً لم يطرأ جديد. فالعقد إياها، باستثناء سقوط رهانات المتفائلين، وفي طليعتهم الرئيس الحريري نفسه… وكان الرئيس نبيه بري قد وضع الكرة الملتهبة في مَلْعَبَي «الرئيسين». وقصد أبو مصطفى كلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.

وكثر الحديث عن «العقدة المسيحية». ولكنّ ثمة عقداً عديدة سواها. فالعقدة المسيحية تدور على ما يُقال إنه إتفق عليه في لقاء معراب الشهير الذي إنتهى الى تبني القوات ترشح رئيس التيار الوطني الحر السابق، العماد ميشال عون، الى رئاسة الجمهورية. وفي جملة ما يُقال أمران بارزان: الأول أنّ الطرفين المسيحيين الأبرزين توافقا على أن تكون حصّة القوات اللبنانية في التشكيلة الحكومية الحالية موازية لحصة التيار الوطني الحر. والثاني أن تحظى القوات بحقيبة سيادية الى نيابة رئاسة الحكومة أو إلى حقيبة خدماتية. وهذا «التوافق» حدث يوم كان عديد نواب القوات ثمانية وعديد نواب التيار 21 نائباً. ولكن بعد الإنتخابات حققت القوات رقماً نيابياً غير مسبوق فرفعت رصيدها الى 15 نائباً، بينما رفع التيار نوابه +الحلفاء الى 29 نائباً.

وفي تقديرنا أنّ القوات مطالبة بنشر هذا الإتفاق الذي يُقال (وما أكثر ما يُقال) إنه خطّي. فإذا كان فعلاً هناك إتفاق مكتوب فلا يجوز أن يبقى غير معمّم، فلتنشره القوات. وعندئذ لا يعود «مسموحاً» للتيار الحر أن يتجاهله خصوصاً وأنه أحد طرفيه، وأن رئيس الحكومة المكلّف لا يعترض على تنفيذه باعتبار أن هذه الحصص محصورة في الحقائب الوزارية التي سيشغلها مسيحيون. أما إذا لم يكن من إتفاق مكتوب، فالمسألة فيها نظر، من دون التقليل من حق القوات في الحصة الوازنة تعادلاً مع فوزها الكبير في الإنتخابات.

ولكن ماذا عن العقدة الدرزية؟ ماذا عن رفض النائب السابق وليد جنبلاط التخلّي عن الإستئثار بالوزراء الدروز الثلاثة (في التشكيلة الثلاثينية)؟ وماذا عن إصرار رئيس الجمهورية في المقابل على توزير النائب طلال أرسلان أو التفاهم على الوزير الوسط بين الأمير والبيك الدرزيين؟

وماذا عن العقدة السنية المتمثلة بإصرار النواب السنّة (من خارج تيار المستقبل) على التمثل بوزيرين، وهذا ما يرفضه بقوة الرئيس سعد الحريري ويدعمه الرئيس عون في موقفه هذا؟ لأن عون يرى تمثيل هؤلاء بوزير واحد.

باختصار إنها مسألة حصص. وباختصار الإختصار فإنّ قانون النسبية لا يستوي إلاّ على قاعدة الأحزاب… والحزب (أو إئتلاف الأحزاب) الذي ينال الأكثرية يحكم، والآخر يعارض. وتلك هي الديموقراطية.