لا يخفي الرئيس أمين الجميل رغبته في أن يكون رئيساً للجمهورية. يريد في كل مناسبة الإيحاء بأن في إمكانه أن يكون مرشحاً توافقياً… ولكن ما كل ما يتمناه الرئيس السابق يدركه
حلم العودة إلى قصر بعبدا ليس جديداً على الرئيس أمين الجميل. التراجيديا العائلية التي ألمّت بآل الجميل لم تثنه عن التفكير في هذا الموضوع. لا يمل «العنيد» من المحاولة. يشبه إصراره على العودة الى قصر بعبدا إصرار العماد ميشال عون على العودة الى «قصر الشعب». ربما يتشابهان في هذه النقطة. لكن الفارق أن عون هو المرشح الأوحد لقوى الثامن من آذار، بينما يزاحم الجميل على المركز الثاني عدد من المرشحين المنتمين الى فريقه السياسي، أبرزهم الوزير بطرس حرب.
أعلن الجميل أول من أمس، في مقابلة مع برنامج «كلام الناس» على شاشة «أل بي سي»، أن ترشيحه لرئاسة الجمهورية قائم، وقد تشاور في الأمر مع الرئيس سعد الحريري والبطريرك بشارة الراعي. سبق هذا الحديث تصريح آخر للجميل الى صحيفة خليجية، قال فيه إن الجلسات البرلمانية لانتخاب رئيس جديد أثبتت استحالة فوز عون أو سمير جعجع في الرئاسة.
هذا الكلام القديم ــ الجديد دفع القوات اللبنانية الى الرد ليل الخميس عبر «مصادرها» التي تحدّثت إلى مواقع إلكترونية، معتبرةً أن «ما يحكى عن ترشيح قوى 14 آذار لشخص آخر غير رئيس القوات سمير جعجع في غير مكانه ولا يعدو كونه كذر الرماد في العيون».
لكن مصادر معراب رفضت أن تعلق لـ«الأخبار» على كلام الجميل: «بإمكانه أن يقول ما يريد. الشيخ أمين هو عيننا».
منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد استبعد في اتصال مع «الأخبار» ما نُقل عن مصادر القوات: «الحزب لا يستعمل منطق المواربة»، علماً بأن معراب، كما سائر الاحزاب، دائماً ما تلجأ الى هذه الطريقة حتى لا تُحرج نفسها. سعيد لم يستغرب كلام الجميل، ولكنه يؤكد أن «مرشح المعركة بالنسبة إلى فريقنا هو سمير جعجع». أما إذا اتخذت الأمور منحى توافقياً «فالمرشح هو إما الجميل أو حرب أو أي شخص ينتمي الى 14 آذار».
أحد أعضاء المكتب السياسي في تيار المستقبل يؤكد أن «الرئيس الجميل لم يُقدم أي جديد. فنحن كتيار نُدرك جيداً وجود مرشحين آخرين في حال تغيرت المعطيات القائمة». إذا ما قرر جعجع التنازل عن «الجمهورية القوية»، فالخيار البديل «هو الجميل، من دون أن يعني ذلك أننا نتخلى عن جعجع. تماماً كما أنه في الجهة المقابلة هناك عون كمرشح أساسي، و(النائب سليمان) فرنجية كبديل». يهم عضو المكتب السياسي التشديد على أنه «لا جديد في الملف الرئاسي، وانطلاقاً من هنا، فريق 14 آذار لن يتراجع عن ترشيح جعجع إلا وفق معطيات جديدة».
من جهته، يرى أحد أعضاء الأمانة العامة لـ14 آذار أن «الفريق الذي يحقق انتصارات هو القوات، بغض النظر إذا استفادت منها أو لا. فالرئيس نبيه بري أعطاها الشرعية المسيحية.
8 آذار: وصول الجميّل الى رئاسة الجمهورية رابع المستحيلات
والجنرال عون أعطاها حقها حين حصر الترشح بينه وبين جعجع، الأمر الذي أزعج الجميل وجعله غير قادر على التحمّل». يقول المصدر إن «من الطبيعي أن يكون الشيخ أمين أحد المرشحين، هذا أحد الحلول التي جرت مناقشتها داخل الأمانة». ففي حال تمكن رئيس حزب الكتائب «من تأمين التفاف القوى السياسية حوله، يكون هو مرشح 14 آذار»، مشيراً الى أن الجميل «كان ذكياً خلال الحلقة عبر طرحه أن يكون رئيساً لإدارة الأزمة عبر تطمين حزب الله أنه لا يريد التصادم معه في ما خصّ سلاحه».
إذاً، خلافاً لما حاول الجميل إشاعته عن أنه هو حصراً «وريث» سمير جعجع في ما خص الترشح لرئاسة الجمهورية، لم تحسم هذه القوى خيارها بعد. هي تعرف أن لا مؤشرات حلحلة في هذا الخصوص، لذلك لن تغير أياً من قواعد اللعبة. الجواب القاطع يأتي من جانب قوى الثامن من آذار عبر واحد من أبرز أركانها، «وصول الجميّل الى رئاسة الجمهورية هو من رابع المستحيلات».