إذاً «خلصت»
هذا ما قالته «بعبدا» أمس مباشرة، وما قاله الآخرون كل بأسلوبه. فمبادرة الرئيس ميشال عون وصلت الى خواتيمها الحميدة على يد «القابلة القانونية» التي تُشرف على الولادة بتكليف من رئيس الجمهورية… وهي ولادة «طبيعية» وليست «قيصرية» بعد مخاص طويل بدأ في الخامس والعشرين من شهر أيار الماضي، إثر إنتهاء العمليات الإنتخابية النيابية، وينتظر أن يرى المولود الحكومي النور ابتداء من اليوم وحتى يوم الأحد المقبل على أبعد مدى.
جرعة الأمل هذه المرّة كبيرة:
فالرئيس عون الذي التصقت المبادرة بإسمه لن يرضيه (ولن يقبل) ألاّ تُشكل الحكومة بعد الآمال العريضة التي أُعطيت الى اللبنانيين والى الخارج بتفاؤل كبير أسهم فيه الجميع، أي المعنيون بالتأليف جميعاً… وبالتأكيد سيكون لفخامته موقف فيما لا سمح اللّه برزت عقد جديدة أو طرأ تعثر مستجد!
والرئيس الحريري أعلن، بلسانه شخصياً، وبلسان كتلة نواب «المستقبل» أنه مع مبادرة الرئيس عون وأنه يأمل منها خيراً. وهو كرّر هذا الكلام مباشرة لـ «وسيط الجمهورية» اللواء عباس إبراهيم الذي حمل على عاتقه الفصل الأخير (…والختامي؟) من المبادرة الرئاسة.
حزب اللّه لم يكن، مرّة، متفائلاً كما كان يوم أمس. وأوساطه تحدّثت بإسهاب عن أن العقبات الكبرى ذُللت وأن الحكومة باتت قاب قوسين أو أدنى وقد تولد خلال اليومين المقبلين. وفي معلوماتنا أن الحزب في أجواء المبادرة الرئاسية، وأنه مثله مثل الرئيس سعد الحريري، يدعم المبادرة، ويشجع عليها ويسعى لتوفير ظروف نجاحها.
الوزير جبران باسيل مع المبادرة من باب أولى.
ولكن هناك دور غير معلَن، وكبير، للرئيس نبيه بري. الذي بالرغم من أنه ليس معنياً في العراقيل على صعيد شخصي، إلا أنه أسهم في الحلحلة بدأب. وكان لمساعيه غير المعلَنة دور بارز في حلحلة بعض مفاصل العقدة السنيّة، من خلال عضو كتلته النيابية، النائب قاسم هاشم الذي كان أول المبادرين، بين النواب الستّة السنيين الى خرق جدار التصلّب… طبعاً بتشجيع من رئيس مجلس النواب الذي لم يتردّد يوماً واحداً في الحث على التأليف، ليس في الأيام الأخيرة وحسب بل منذ العقدة الدرزية والعقدة القواتية…
هل هبط الوحي فجأة؟
هل حلّ الروح القدس؟
هل قرأ أصحاب العقد والربط والحل، من الأطراف كافة، التطورات الإقليمية قراءة جيّدة؟ وهل قرأوا جيّداً في المستجدات من اليمن الى سوريا ومن «الأنفاق» الى مجلس الأمن الذي يجتمع اليوم؟!
لا يهم كيف حصلت هذه الإيجابيات.
المهم والأهم والأكثر أهمية هو أن الرجوع الى الوراء ممنوع! وأن الآمال العريضة التي بنيت على نهار التفاؤل الطويل، أمس، لا يجوز أن تصاب بالخيبة.
وإلاّ فالسترات الصفر ليست وقفاً على باريس وجادة الشانزيليزيه!