IMLebanon

تطبيع؟!

لو كان حزب الله يريد للعهد الجديد أن ينطلق بزخم لكان سهّل عملية تشكيل حكومته الأولى، قبل عيد الاستقلال الذي يصادف اليوم، ولما كان الرئيس نبيه برّي الذي حمّله الحزب «الختم» وفوّضه في كل ما يتعلق بتشكيل الحكومة، وحقوق الطائفة الشيعية وحقوق باقي الطوائف التي يستحيل تشكيل الحكومة دون موافقتها.

فالحزب إذن لا يريد للعهد الجديد ولو كان من صنيعته أن ينطلق بزخم، كما أمل اللبنانيون غداة التسوية الداخلية التي أفضت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والتي تلاقت مع ترحيب عربي ودولي منقطع النظير بعدما كانت غالبية المجتمع العربي والدولي غير مرحّبة بأن يأتي مرشّح حزب الله الموضوع على لائحة الإرهاب الدولي رئيساً للجمهورية، وعدم رغبة حزب الله في أن ينطلق العهد الجديد بالتعاون مع الشريك السنّي بإدارة شؤون البلاد والعباد من موقع الإجماع الوطني حوله إنعكس على عملية تأليف حكومته الأولى، وتولى المفوّض الممتاز الرئيس برّي إدارة لعبة عرقلة تأليف الحكومة، ومن الواضح من كلام الرئيس المكلّف أنه يقصد رئيس حركة أمل عندما قال للصحافيين بأن المعرقل تعرفونه وردّ الرئيس برّي بسرعة على هذا الكلام واضعاً مسؤولية العرقلة والتعطيل على رئيس الجمهورية الذي حسب كلامه يخالف الدستور، علماً بأن مثل هذا الاتهام ليس دقيقاً ولو أخذ من باب أن رئيس الجمهورية يطالب بوزير شيعي من حصته وبوزير سنّي، فأين يكمن الخطأ ومخالفة الدستور إذا طالب من موقعه كرئيس لكل اللبنانيين أن يمثّل في الحكومة بوزراء من كل الطوائف اللبنانية التي يتشكّل منها المجتمع اللبناني.

لقد قلنا في مقال سابق أن القضية ليست رمّانة بل قلوب مليانة، ونؤكد اليوم على هذه المقولة التي دخلت في قاموسنا السياسي، بأن سبب أو من أسباب العرقلة التي يفتعلها الرئيس برّي بالنيابة عن حزب الله هي التقارب والتناغم الحاصل بين رئيس الجمهورية الذي كان الحزب يعتبر ولاءه له بمثابة تحصيل حاصل وبين الرئيس المكلّف، للدلالة على عودة الثنائية المارونية – السنّية التي همّشت الطائفة الشيعية مُـدّة طويلة من الزمن، فقرّر الاقتصاص من حليفه رئيس الجمهورية بعرقلة انطلاقة عهده بالزخم الذي يتمناه اللبنانيون التوّاقون لأن يروا على رأس السلطات الدستورية الإجرائية والتشريعية رجالاً يعملون من أجل وطنهم وليس من أجل جيوبهم كما هو واقع الحال، وصوّر انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية كإعادة اعتبار لهذه القاعدة الذهبية التي كانت مفقودة تماماً على مدى الأربعة عقود الماضية.

لقد أصبح هدف حزب الله فرملة اندفاعة رئيس الجمهورية لإصلاح الحال وإعادة الهيبة إلى الدولة ومؤسساتها من خلال اقتلاع المفسدين الذين حوّلوا الدولة إلى مزارع ومقاطعات يحكمون السيطرة عليها بقوة الأمر الواقع بدلاً من أن يكون الداعم الأول والأكبر لانطلاقة العهد بالزخم المطلوب لتحقيق كل هذه الأهداف من خلال تأخير قيام حكومة متجانسة تعمل إلى جانبه مستوحية خططها من خطاب القَسَم الذي استحوذ على إجماع كل اللبنانيين، وكل الدول التي تتعاطى بالشأن اللبناني عن قرب أو عن بُعد، فهل يُعيد حزب الله اللبنانيين إلى حالة التعطيل التي امتدّت سنتين ونصف السنة ويُدخل البلاد مجدداً في المجهول بعد بارقة الأمل التي لاحت في الأفق إثر انتخاب عون رئيساً للجمهورية على قاعدة أن لا حلّ في لبنان إلا على أساس تشكيل مؤتمر تأسيسي لإعادة النظر في تكوين السلطة على قاعدة المثالثة بدلاً من المناصفة أم أن الهدف هو التطبيع؟!