IMLebanon

تطبيع العلاقات التركية -الاسرائيلية والضرر اللاحق بلبنان؟

خطت تركيا بقيادة رجب طيب اردوغان، في الأيام الماضية، خطوات لم تكن متوقعة على هذا القدر من السهولة، وشكلت في نظر العديد من الخبراء الاستراتيجيين فاتحة لسياسة خارجية جديدة تمثلت بتطبيع العلاقات التركية الاسرائيلية بعد قطيعة لنحو ست سنوات منذ هجوم »إسرائيل« على سفينة مرمرة في العام 2010، كما تمثلت بتطبيع العلاقات التركية – الروسية بعد تدهور العلاقات التي بدأت في أواخر تشرين الثاني الماضي..

تقاطع هذا الانفتاح المزدوج مع ارتفاع وتيرة تعرض تركيا لهجمات انتحارية، نسبت الى »انتحاريين أجانب« ينتمون الى »داعش«، آخرها كان التفجير الذي استهدف مطار اتاتورك الدولي في اسطنبول وأدى الى سقوط 47 قتيلاً، بينهم 6 سعوديين و3 عراقيين و239 جريحاً.. وهو هجوم اثار التفافاً دولياً غير مسبوق حول »تركيا الاردوغانية« التي كانت من بين أبرز الدول المتهمة بحضانة هذا النوع من الجماعات الارهابية..

يذكر الجميع ان تركيا – ما قبل »الحرب الكونية في سوريا« كانت تعتمد سياسة »صtر مشاكل« مع سائر دول الجوار.. وفتحت لها الأبواب، بعدما أقفلت أبواب الانضمام الى الاتحاد الاوروبي في وجهها.. وباتت تركيا مقصداً لاقامة أفضل العلاقات الاقتصادية مع سائر الجوار..

بعيداً عن الدخول في تفاصيل الدور التركي في أزمات المنطقة، بالنظر الى الحدود البرية المشتركة والطويلة جداً، فإن ما آلت اليه التطورات لم يكن في صالح هذه الدولة، التي بدأت تحس بالعزلة الدولية، وتعززت بسوء العلاقات مع روسيا مع اسقاط الطائرة الحربية الروسية واتهمت تركيا باسقاطها..

جملة أسباب سياسية – اقتصادية استراتيجية دفعت تركيا الى اعادة النظر بخياراتها، خصوصاً ان أبواب الدخول الى الاتحاد الاوروبي لا تزال مقفلة في وجهها ولعل العامل الثقافي (الديني وغيره) في طليعة هذه الأسباب.. لكن المسألة لم تقف عند هذا الحد، وقد دلت التقارير التي خرجت الى العلن، ان اعادة تطبيع العلاقات التركية – الاسرائيلية لم يكن ابن اللحظة، وهو جاء نتيجة اتصالات ومساعٍ على خلفية »التعاون المثمر والمشترك« لتسويق »الغاز الاسرائيلي« الممتد ما بين السواحل الاسرائيلية والقبرصية واللبنانية الى اوروبا عبر تركيا.. من ابرز هذه اللقاءات،  اللقاء السري الذي جمع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينيتس، على هامش قمة الأمن النووي في العاصمة الاميركية، واشنطن، في آذار الماضي.. وكان ملف »الغاز الاسرائيلي« في البحر الابيض، دافعاً أساسياً لاصلاح العلاقات الاسرائيلية – التركية.. حيث يدور الحديث عن امكان تطوير تل ابيب حقول الغاز الممتدة تحت المياه ما بين السواحل الاسرائيلية والقبرصية.. وهما تمتلكان ما يقارب الـ3.5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.. فيما تبلغ قيمة الاحتياطات المؤكدة في حقل ليفيثان نحو 700 مليار دولار..

تريد تركيا تعزيز الأوراق بين يديها.. وتل ابيب تراهن على الخلاف بين تركيا وروسيا لفرض غاز الحقول التي تسيطر عليها بديلاً من الغاز الروسي الذي يوفر حالياً الجزء الأكبر من الاستهلاك التركي..

لم تسلم انقرة، حتى اللحظة بالاغراءات الاسرائيلية، لكنها في الوقت عينه لم تقفل الأبواب، بل أنها عمدت الى اعادة وصل ما انقطع مع روسيا منذ دخول هذه الأخيرة عنصراً في الحرب الكونية في سوريا.. وزيارة خالد مشعل الي تركيا، بعد انكشاف اجراءات التطبيع مع إسرائيل، بقيت مكتومة النتائج، وان ضمن سقف الاستراتيجية الأمنية – الاسرائيلية.

هل من تداعيات تذكر لتطبيع العلاقات الروسية – التركية على أوضاع المنطقة..؟! وتحديداً لبنان؟!

سؤال لم يغب عن التداول منذ الكشف عن الاتصالات الروسية – التركية، وفي رأي وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، فإن بلاده وتركيا ستستأنفان على الأرجح التعاون لحل الأزمة السورية.. بعد اتفاق الرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب اردوغان على طي صفحة الأزمة بين البلدين والانتقال الى آليات تطبيع العلاقات والبدء بالتعاون في الملفات التي تضم مصالح مشتركة، وصولاً الى القضايا الخلافية على مبدأ الفصل بين الملفات..«؟!

ليس من شك في ان لبنان لن يكون بعيداً عن تداعيات ما يجري في المحيط الاقليمي، القريب منه والبعيد.. وان صحت الروايات حول »الغاز الاسرائيلي« فإن لبنان، المتلهي عن القضايا الاستراتيجية الحيوية، سيكون أول وأكبر الخاسرين.. وقد أكدت المعلومات ان مشروع الاتفاق التركي – الاسرائيلي للتعاون في مجال الغاز، يشير الى امكان مدّ أنبوب من الأراضي المحتلة الى تركيا وصولاً الى أوروبا.. ما يفسر ان الصراع الحقيقي في المنطقة، وغيرها هو على المصالح، والأسواق الاوروبية، بل والعربية أيضاً و»كل تأخير في بدء لبنان استغلال موارده من الغاز والنفط، يعود عليه بخسائر لا تقدر..«