جاء كلام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ليعكس بوضوح استمرار مأزق تشكيل الحكومة، حيث أن المعرقلين مصرون على مواقفهم التي لا تريد تسهيل مهمة التشكيل، من خلال رفضهم الاعتراف بنتائج الانتخابات النيابية التي تخول أصحابها الحصول على حصة وازنة في الحكومة الجديدة، كالقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، حيث أن الوزير جبران باسيل ما زال على موقفه المعارض لمنح القوات أربعة وزراء على ما علمت « اللواء»، من مصادر نيابية مقربة من الرئيس الحريري الذي لا يبذل جهوداً مضنية للضغط على باسيل الذي يحظى بغطاء رئيس الجمهورية ميشال عون في كل ما يتصل بالملف الحكومي، لتغيير موقفه وإعطاء القوات والاشتراكي ما يستحقونه.
وقد جاءت مواقف الرئيس المكلف لتؤكد أن هؤلاء المعرقلين لا يريدون تشكيل حكومة، بدليل أنهم وضعوا في سلم أولويات أجندتهم، الضغط لإعادة العلاقات مع النظام السوري، وهم الذين يدركون موقف الرئيس الحريري من هذا الموضوع، والذي كان واضحاً في التعبير عنه، ملمحاً إلى إمكانية عدم تشكيل الحكومة إذا أصر الآخرون على إعادة العلاقات مع النظام السوري، وقد أكدت لـ«اللواء»، الأوساط النيابية نفسها أن «الحريري أراد بهذه الرسالة إلى حلفاء النظام السوري، أن يقول أنه لن يرضخ للضغوطات التي تُمارس عليه في هذا السياق، وبالتالي لن يتساهل في هذا الأمر، حتى لو تأخر تشكيل الحكومة وقتاً طويلاً».
وأشارت المصادر إلى أن «اللعبة أصبحت مكشوفة، وهي أن قوى ٨آذار لن تسهل التأليف، إلا في حال وافق الحريري على مطلبها بإعادة التطبيع مع النظام السوري، وهو ما لا يضعه الرئيس المكلف في حسبانه»، متوقعة أن يكون هذا الموضوع، «عنواناً للكباش الذي سيدور مع الرئيس المكلف وحلفائه، حيث أن حزب الله وحلفاءه على تنسيق وتشاور مع التيار الوطني الحر، في إطار جبهة يعمل عليها، لتطويق الرئيس المكلف ومحاصرته بالكثير من الشروط، وفي مقدمها التطبيع مع سوريا الذي لا يلقى معارضة على ما يبدو من الرئيس عون».
ولا تستبعد أن يكون هناك «من يضغط للإطاحة بالتسوية القائمة وقلب الطاولة، باعتبار أن من انقلب على اتفاق معراب وأعلن التبرؤ منه، فلن يتردد في التخلص من هذه التسوية إذا كانت تضمن له مكاسب سياسية لتحقيق مشروعه، بعد استعادة النظام السوري انفاسه وفك الحصار الدولي عنه، ما أعاد الروح إلى حلفاء دمشق في لبنان الذين يحاولون أخذ الأمور إلى مكان آخر يتعارض مع مصلحة اللبنانيين».