تعتبر عمليّة «إنزال النورماندي» من أكبر العمليات العسكرية في التاريخ، وقد شارك فيها أكثر من مليوني جندي، مما سمح بإنتصار الحلفاء على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وما زالت باريس تقيم الاحتفالات في المناسبة في السّادس من حزيران.
ولعلّ ذاكرة اللبنانيين لم تنسَ إحتفال عام 2004 يوم التقى الرئيسين الأميركي جورج دبليو بوش وجاك شيراك، ومن ضمن قائمة البحث بينهما آنذاك الوضع اللبناني، وبما مهّد لصدور القرار الدولي 1559 وإنسحاب الجيش السوري من لبنان، والتحوّلات الكبرى التي عصفت بالبلد وبقيت تلفحه حتى يومنا هذا.
وهكذا، يأتي التّعويل اللبناني على قمة بايدن – ماكرون في النورماندي بعد أيام، لمحاولة إجتراح حلّ لأزمات لبنان المستفحلة، والتي تتراوح بين الحرب في الجنوب والشغور الرئاسي والإنهيارات المالية والاقتصادية المتلاحقة، وما بينها غياب المسؤولية لدى أركان الطبقة السياسية في لبنان.
وتشير مصادر سياسية مطّلعة لموقع «جبيل اليوم» إلى أن ما بعد قمة النورماندي غير ما قبلها، والمطلوب أن تستدرك القيادات السياسية اللبنانية الأمور وتستعدّ لمقرّرات تشمل الوضع الإقليمي والنزاعات الدولية ووضع حدّ للإقتتال في أوكرانيا وغزة وكلّ البقع المتفجّرة في العالم.
وتورد المصادر عبر موقعنا أن «بند لبنان» لن يغيب عن مقرّرات النورماندي، لا بل سيأخذ حيّزاً لا بأس به إنطلاقاً من مصالح الطرفين الأميركي والفرنسي فيه، مشيرةً إلى أن تغييرات عدّة سوف تشهدها المرحلة المقبلة لبنانياً بناءً على هذه القمة:
– التسوية الرئاسية سوف تتكامل مع تلك الحدوديّة التي يعمل عليها الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، لأن الرئيس المقبل سوف يُشرف على المفاوضات المُرتقبة لتثبيت الحقوق اللبنانية، ومن هنا تشديد «الخماسية» عن مواصفات الرئيس.
– إصلاح النظام السياسي في لبنان ليكون أكثر مرونةً وتسهيلاً للاستحقاقات الدستوريّة بدل أن يكون معطّلاً لها تحت حجج واهية، تارة حوار أو تشاور أو لقاء. مع العلم أن مفهوم الإصلاح هنا لا يذهب إلى حدّ تطيير نظام إتفاق الطائف، بل تسوية بعض البنود المُلتبسة والتي هي بحاجة إلى تفسير.
– العودة إلى الحكومات التمثيلية، أي التي تضمّ وزراء تسمّيهم الأطياف السياسية، بنكهة تكنوقراطية وعلى قاعدة الوزير المناسب في الحقيبة المناسبة.
– تصحيح الأوضاع المالية بإشراف مباشر من المؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لأن التسوية الشاملة لا بدّ في هذه الحالة أن تأخذ بعين الاعتبار عودة الاستثمارات إلى لبنان.
أما عن هويّة الرئيس المقبل للجمهورية، فإن المصادر تعيد التّشديد على كون إتجاهات الحلول في المنطقة هي التي ستُحدّد «بروفايل الرئيس» وبرنامج عمله، والذي لا بدّ أن يخطوه بصيغة «الجوهرجي» لأن لبنان تحكمه قواعد الديموقراطية التوافقية، ولو أن الدّستور يتحدّث عن إنتخابات ونصاب قانوني وأكثرية.