IMLebanon

البقاع الشمالي… منطقة عسكريّة؟

فيما تشهد فرنسا وعواصم غربية وعربية هجمات إرهابية، كان آخرها عملية نيس التي اعتمدت أساليب إجرامية جديدة، وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، يبدو أنّ الإستقرار عاد الى ربوع البقاع الشمالي تدريجاً على رغم أنّ منسوب الحذر يجب أن يبقى مرتفعاً.

لم تعد التدابير الأمنية مجرّد خبر يُذاع عند حدوث أيّ عمل أمني أو تفجير إرهابي، بلّ إنّ الواقع العسكري في مناطق البقاع الشمالي بات يفرض نفسه، والجيش اللبناني في حال استنفار دائمة لأنّ المخططات الإرهابية التي تُحضّر قد تكون كبيرة.

وبالتالي، فإنّ خطّة الجيش هي «التحضّر لِما هو أسوأ لأنّ النار السورية تطوّق لبنان من كل النواحي، والمسافة التي يحتاجها الإرهابيون للعبور الى أيّ منطقة تُقطَع بساعات في حال كان هناك قرار بذلك، لكنّ هذا الأمر لا يعني أنّ أيّ عملية ستقع اليوم أو غداً أو ربما بعده».

وبما أنّ البقاع الشمالي وجرود السلسلة الشرقية من شبعا مروراً بعرسال ورأس بعلبك وصولاً الى القاع تعيش تحت الضغط العسكري، فإنّ الضرورات تبيح كل شيء. وبما أنّ الهجمة الارهابية التي استهدفت بلدة القاع استثنائية بسبب عدد الانتحاريين فإنّ طرح المنطقة منطقة عسكرية مُبرّر في مثل تلك الظروف.

لكن في المفهوم العسكري البحت، لم تدخل تلك المنطقة حال الحرب المباشرة، على رغم الخرق الأمني الذي حصل. لذلك، فإنّ قياس ما حصل مقارنة بمراحل سابقة يؤدي حسب الاستنتاجات العسكرية الى جعل لبنان في خط المواجهة الأول ضد الارهاب، علماً أنّ الجيش نجح في إبعاد خطره وحَصره في بقع محددة على حدود السلسلة الشرقية مانعاً تمدّده الى لبنان.

وبالتالي، فإنّ المقارنة بين إنشاء منطقة عسكرية بقرار رسميّ وبين الواقع على الأرض، يظهر بحسب علم العسكر أنّ المنطقة تشبه المنطقة العسكرية ولا ينقصها إلّا الإعلان عنها رسمياً.

وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» انّ «المنطقة العسكرية تحتاج الى قرار من مجلس الوزراء، وينتج عنها أمور عدّة لعلّ أبرزها وضع الأجهزة الأمنية كافة تحت إمرة الجيش اللبناني إضافة الى تدابير أخرى، وبما أنّ هذا القرار غير متوافر الآن، فإنّ الكلام عن هذا الموضوع يبقى من دون تنفيذ».

ويشير المصدر الى أنّ «الواقع يكشف أموراً كثيرة، فكل موجبات المنطقة العسكرية يطبّقها الجيش بحذافيرها من ناحية المواجهة وحفظ الامن. فعلى سبيل المثال، هناك مركز للمخابرات، فيما ينتشر اللواء الثامن والمجوقل والمغاوير وفوج الحدود البرية، ويقارب عدد الجنود المرابضين في تلك المنطقة نحو سبعة آلاف جندي، إضافة الى وجود أفواج تدخّل وفرق خاصة حاضرة للمساندة في حال وقوع أي حدث طارئ، كما أنّ المروحيات تتدخل وتنفّذ غارات حين يستدعي الأمر ذلك». وفي هذا السياق، يسأل المصدر: «مع كل هذا الانتشار الأمني والعسكري، هل ما زلنا في حاجة الى إعلان منطقة عسكرية؟».

ويشدد على أنّ «الجيش يمسك الأرض ويتحرّك بسرعة لافتة، والأسلحة التي يملكها من مدافع وصواريخ وقذائف وكل أدوات الحرب كافية لتجعله يخوض حرباً طويلة الأمد، على رغم أنّه قادر على حسم أي معركة عسكرية قد يدخلها، بسرعة، لكنّ القيادة والضباط يضعون كل الإحتمالات لعدم تكرار الأخطاء والتعلّم من التجارب الحربية السابقة».

الى ذلك، يؤكد المصدر أنّ «الجيش يخضع للسلطة السياسية المتمثّلة حالياً بمجلس الوزراء، وهو يطبّق قراراتها. فإذا ارتأت أن تعلن البقاع الشمالي منطقة عسكرية، فالجيش جاهز لكل ما يترتّب عليه من مهام جديدة، وإذا بقي الوضع على حاله، فإنّ الجيش مستمرّ في مهامه على الحدود وداخل البلدات والمدن بالتعاون مع الاهالي الذين يراهنون على الشرعية كقوّة وحيدة لردع الإرهاب».