IMLebanon

فوضى عارمة على الحدود الشمالية: تهريب بضائع وأشخاص وأسلحة

 

 

 

فوضى عارمة تسيطر على القرى والبلدات الشمالية في غياب أي رقابة. فمنذ سقوط النظام السوري السابق، باتت الحدود الشمالية مشرّعة أمام كل أنواع التهريب في الاتجاهين، إن عبر المعابر الشرعية المقفلة رسمياً والتي يجري العبور بجانبها منذ إغلاقها بسبب القصف الإسرائيلي، أو عبر المعابر غير الشرعية التي تربط بين البلدين.

 

 

عمليات التهريب تجري بشكل علني وفي وضح النهار، إذ تقفل الشاحنات منذ ساعات الصباح الأولى الطرق المؤدية إلى بلدات الدريب الأعلى (شدرا ومشتى حسن ومشتى حمود، ومنها إلى وادي خالد)، ما يؤدي إلى ازدحام خانق يعطّل الحياة اليومية لأهالي هذه القرى التي لا تصلح طرقاتها لمثل هذه الحركة النشطة. اللافت أن الشاحنات المحمّلة بالبضائع تمر بحاجز للجيش اللبناني في بلدة شدرا، ينحصر دوره، في ظل غياب قرار رسمي بمنع التهريب، بتسجيل البيانات الخاصة للشاحنات التي تدخل إلى الأراضي السورية وتصل إلى طرطوس واللاذقية وحمص وحماة من دون أي عراقيل على طرفَي الحدود، وخصوصاً من الجانب السوري الذي كان يعمد سابقاً إلى ضبط الحدود من جانبه.

 

 

من حاجز شدرا إلى مشتى حسن ومشتى حمود ووادي خالد، تواصل مئات الشاحنات طريقها إلى المعابر الحدودية غير الشرعية، وأكثرها نشاطاً هذه الأيام، معابر جسر الأسود، الخط الغربي، معابر خط البترول (الحج عيسى، شهيرة، وأبو جحاش)، وادي الواويات، ومعابر حنيدر.

وقالت مصادر متابعة لـ «الأخبار» إن ما تشهده المنطقة الحدودية عبارة عن سوق حرة يجري فيها تبادل مختلف أنواع السلع. فالشاحنات تدخل إلى سوريا محمّلة بالباطون والمحروقات على أنواعها، وتعود إلى لبنان محمّلة بالخضر والخردة، ناهيك عن تهريب السلاح الذي نشط بشكل لافت بعد سقوط النظام. وتجدر الإشارة إلى أن الأمن العام السوري في طرطوس أعلن أمس إحباط عملية تهريب أسلحة وصواريخ إلى لبنان.

 

 

تفاقم عمليات التهريب أدّى إلى تزايد الإشكالات الأمنية في وادي خالد، وآخرها مقتل شاب من آل رجو من منطقة خط البترول، على خلفية إشكالات مع مهرّبين، إضافة إلى مقتل ثلاثة أشخاص بينهم طفلان نتيجة اشتعال محطة محروقات أثناء تعبئة غالونات بنزين معدّة للتهريب.

 

 

أما في ما يتعلق بتهريب الأشخاص، فـ«حدّث ولا حرج»، إذ يعبر المئات يومياً إلى لبنان، عند مقلبي النهر، بشكل طبيعي ومن دون أي إشكالات، فيما انتعشت حركة السماسرة والمهرّبين الذين يسهّلون نقل العائلات السورية في اتجاه الداخل اللبناني. والأمر نفسه ينطبق على منطقة جبل أكروم حيث يعبر عشرات السوريين حاجز السهلة يومياً من دون أي عقبات.

وأكّدت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن «العديد من المهرّبين يعمدون إلى تمرير الركاب في السيارات ليلاً عبر الحواجز الأمنية مقابل كلفة مرتفعة أضعافاً عن كلفة أولئك الذين يعبرون سيراً على الأقدام».

 

 

 

ماكرون «يكزدر» في بيروت ويواصل خطف جورج عبدالله: لماذا يوافق لبنان على مؤتمر باريس؟

 

لا يملّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الاستعراض. وساحة لبنان هي المفضّلة لديه. فهنا، يلقى الزائر الأبيض حفاوة، من دون أي مساءلة حول كل وعوده السابقة التي لم يتحقّق منها شيء، ولا يجد من يذكّره بأنه يحتجز في سجونه، ظلماً وتعسّفاً، مواطناً لبنانياً اسمه جورج عبدالله منذ أكثر من أربعين عاماً، ولا يتلقّى من مسؤولي هذا البلد أي طلب رسمي بإطلاق سراحه.

 

 

وبات يطيب لماكرون، كلّما زار بيروت، أن يمضي بعض الوقت في حي الجميزة الذي اعتاد زيارته منذ تفجير مرفأ بيروت عام 2020، وحيث يطيب له أن يسمع من يتحدّث بالفرنسية مع لكنة باريسية، ومن يطالبه بعودة الانتداب أيضاً.

في زيارته للبنان، يتصرّف ماكرون كمن انتصر في «معركة» انتخاب الرئيس جوزيف عون وتكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة، ويكمل استعراضه بتكرار ما يجيده: الدعوة إلى عقد مؤتمر لدعم لبنان في باريس.

 

 

ورغم أن لا دور لفرنسا ولا فضل لها في كل ما جرى، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب، يسعى الرئيس الفرنسي جاهداً للإيحاء بأن لبلاده حضورها الوازن في لبنان، رغم إدراكه بأن موظفين كعاموس هوكشتين ويزيد بن فرحان يملكان نفوذاً يوازي أضعافَ ما لباريس من نفوذ على القوى السياسية في لبنان. فيما هو عاجز عن معالجة مشكلات بلاده السياسية، ولا تنفك فرنسا التي يرأسها تفقد نفوذها في مستعمراتها السابقة بلداً تلو آخر. وأعلن ماكرون بعدَ لقائه الرئيس جوزيف عون أمس أن باريس تنوي خلال الأسابيع المقبلة استضافة مؤتمر دولي بهدف إعادة إعمار لبنان، داعياً إلى تشكيل حكومة جديدة سريعاً، والإسراع في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، ضمن المهل المتّفق عليها، مشيراً إلى أنه «تمّ تحقيق نتائج… لكن يجب تسريع العملية وتأكيدها على المدى الطويل من خلال الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، واحتكار الجيش اللبناني بشكل كامل للسلاح».

 

مؤتمر باريس كالمؤتمرات التي سبقته سيكون من دون نتائج عملية

 

من جهته، شدّد عون على «أهميّة تثبيت وقف إطلاق النّار وانسحاب إسرائيل من الأراضي الّتي لا تزال موجودة فيها، ضمن المهلة المتَّفق عليها في اتفاق وقف إطلاق النّار»، داعياً إلى «إعادة الأسرى، فضلاً عن إعادة إعمار القرى والمناطق اللّبنانيّة الّتي تهدّمت جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير». واعتبر أنّ «الاتفاق الذي تمّ التّوصّل إليه في غزة، لا بد أن يحقّق نقلةً نوعيّةً إذا التزمت به إسرائيل». وطلب من ماكرون «الإيعاز إلى شركة توتال بالعودة لمواصلة عمليّات التّنقيب عن النّفط في البلوكات النّفطيّة البحريّة».

 

 

وتعليقاً على مؤتمر باريس لدعم لبنان الذي دعا إليه ماكرون، نصحت مصادر مطّلعة على الاتصالات العربية والدولية بشأن دعم لبنان مالياً بالتروي في قبول الدعوة. وأشارت إلى أنه «قد يكون من الأفضل للبنان بحث الأمر مع عواصم عربية كالرياض والكويت، وربما من الأفضل انعقاد المؤتمر في إحدى هاتين العاصمتين، لأن دول مجلس التعاون، ولا سيما السعودية والكويت وقطر، أعربت عن استعدادها لدعم لبنان، وهناك فرصة للحصول على دعم إضافي من العراق، كما أن لبنان لا يجب أن يكون عقبة أمام وصول دعم إيراني، خصوصاً في ما يتعلق بعملية إعادة الإعمار. بينما ستكون لقاءات باريس كسابقاتها، من دون نتائج عملية، وستعيد رهن لبنان وأصوله بأي دعم من المجتمع الدولي الذي لا يبدو مستعداً لتقديم أي هبة، بل المزيد من القروض مقابل استثمار أصول الدولة اللبنانية».

 

 

وكان ماكرون، عقد خلوة مع الرئيس بري للبحث في عدة ملفات أبرزها «تشكيل الحكومة بشكل سريع وبالتعاون مع مختلف الأفرقاء، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللّبنانيّة ضمن المهلة المحدّدة»، فضلاً عن «البحث في مشاريع إعادة الإعمار وسُبل الدعم الذي سيتمّ تقديمه للبنان». وتبعت الخلوة مأدبة غداء على شرف ماكرون.

وكان ماكرون التقى الرئيس نجيب ميقاتي الذي سمع من الزائر الفرنسي «امتنان فرنسا وتقديرها للرئيس ميقاتي وللمهمة التي قام بها على مدى سنوات لخدمة الجميع في لبنان، ولا سيما خلال المرحلة الصعبة إبان الحرب الأخيرة».