Site icon IMLebanon

قراءة إنتخابية شمالية  

 

يستطيع أي مراقب أن «يقرأ» في نتائج الإنتخابات ما طابت له القراءة. ولقد يتعذّر التعامل مع الأربع عشرة دائرة دفعة واحدة، ذلك أنّ غرائب التحالفات، وشواذ الحملات الإنتخابية، وخرافية التحالفات والإئتلافات تشكّل خليطاً غريباً عجيباً يمتزج فيه المعقول باللامعقول، والواقعي باللامألوف…

 

ونود اليوم أن نتناول دوائر الشمال وبالذات الثالثة التي تكشفت وقائعها عن نتائج يجدر التوقف عندها في قراءة شاملة، يمكن تسجيل الآتي من خلاصاتها:

من النهر الكبير الى نهر المدفون حصلت متغيرات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر:

نسبة عدد الأبناء المرتفعة الذين خاضوا المعركة نيابةً عن الآباء: في عكار (البعريني والمرعبي) والضنية (فتفت) وزغرتا (طوني فرنجية)، وبشري (وليم طوق) الخ… وقد نجح معظم هؤلاء.

لأول مرة (في العقود الأخيرة) يترشح على لوائح بشري وزغرتا،  بشكل فاعل مرشحون من خارج عاصمتي القضاءين: (اسحق من جبة بشري) ورفّول (من الزاوية – زغرتا) وسواهما. ورفّول حقق رقماً يعتد به فيما فاز اسحق على لائحة القوات.

فوز ثلاثة مرشحين لرئاسة الجمهورية (باسيل مباشرة، جعجع عبر عقيلته، فرنجية عبر نجله).

شهدت المعركة حدّة في الخطاب الإنتخابي خصوصاً في الشعارات وبعضها كان مسيئاً جداً (…).

لأول مرة يسجل التيار الوطني الحر نجاحاً إنتخابياً لمحازبين وحلفاء في الشمال: اثنان في عكار، واحد في البترون، واحد في الكورة إضافة الى حليف بارز في زغرتا.

إثبات حضور لافت للقوات في دوائر الشمال الثلاث برغم خسارة مرشحها في الكورة.

تثبيت زعامة فارقة في زغرتا أجادت خوض المعركة بصلابة ومنطق وعقلانية راجحة، ومواكبة العصر (ميشال معوّض) الذي أعاد «التوازن» الى القضاء.

تأكيد قدرة الشاب طوني فرنجية على التمكن من الزعامة الراسخة للعائلة وإثباته قدرة على أن يقود المسيرة.

دلّت تجربة اسطفان الدويهي أن الصداقات وطيب العلاقات مع الناس يظل لها مردودها، بما يكاد أن يفوق التحالفات أهمية (!..).

فشل ذريع للكتائب، يشكل امتداداً لفشلها في معظم المناطق وتوازياً لفشل رئيسها في تسويق الشعارات التي يطرحها في أسلوب يبدو أن الجمهور لم يستسغه.

إثبات سعد الحريري أنه لا يزال يمسك بناصية الزعامة الواسعة خصوصاً في الطائفة السنية الكريمة، (عكار مثالاً مباشراً، وكذلك طرابلس، وأيضاً الضنية، وفي سواها أيضاً خصوصاً الكورة وإن بصورة غير مباشرة).

سقوط الهالة التي رسمت حول أشرف ريفي سقوطاً مروّعاً.

عودة مرحب بها ليس فقط في الشمال، إنما في لبنان كله، لجان عبيد.

سقوط بطرس حرب في ما يعتبره المراقبون شأناً طبيعياً، وهو مزدوج: من النيابة ومن مضمون خطابه السياسي الذي بنى عليه رصيده (…).

كان يمكن الإسهاب في عرض المزيد من الإشارات التي يمكن استخلاصها من العملية الإنتخابية، وهي كثيرة، في تلك الدوائر الشمالية الثلاث، والتي لم نستعرض منها سوى النذر اليسير.

وأما في العموم فلا بد من الإشارة الى الآتي سريعاً:

أولاً : لقد أثبت سمير جعجع أنه لاعب استثنائي عندما حقق نجاحات باهرة وقطف كتلة للقوات بزنود القوات.

ثانياً : ولقد أثبت جبران باسيل، أن وصوله الى رئاسة التيار الوطني الحر لم يكن ضربة حظ، إنما هو نتيجة جهد استمر في الإنتخابات وحقق له هذه الكتلة الكبرى غير المسبوقة لدى المسيحيين في لبنان. وهي الأكبر حالياً في المجلس النيابي.

ثالثاً : لقد «نجح» سامي الجميّل في تحميل الكتائب آثاماً لا تستحقها، ترجمتها صندوقة الإقتراع.