Site icon IMLebanon

لا ضوء أخضر سعودي باسقاط الحكومة

ترك التصعيد الكلامي الذي طبع المواقف خلال الايام الماضية، أكثر من علامة استفهام ابعد من الحكومة والحوار، في ظل وقوف فريقي الصراع في موقع «لا خروج منه الى الامام ولا رجوع منه الى الوراء»، نتيجة عدم قدرة اي من الطرفين على احداث تغيير في الامر الواقع القائم، مع اقرار الجميع بأن الأزمة اللبنانية ستبقى مجمدة في البرادات الإقليمية والدولية حتى حسم عدد من الملفات في المنطقة، وبالتالي لن يكون هناك «انفجار لبناني».

في هذا الاطار تلفت اوساط سياسية متابعة إلى ان الامور لن تعود إلى «روتينها السابق» – فالتساهل الذي كان يبديه حزب الله في المرحلة الماضية ذهب الى غير رجعة – فيما تهديد المستقبل بالخروج من الحكومة لا يتعدى كونه تهويلا سياسيا لان لا وجود لضوء اخضر سعودي باسقاط الحكومة راهنا، مؤكدة ان المحطة الحوارية في 26 تشرين الاول ستشكل الاختبار الاول لتسوية عين التينة الجديدة،حيث سيحضر الجميع اما شخصيا او عبر ممثلين عنهم، متوقعة عودة الأوضاع إلى مربّع المساكنة تحت سقف الحكومة والحوار، لأن دقة المرحلة لا تحتمل الانتقال إلى مواجهة مكشوفة ومفتوحة على انهيارات أمنيّة.

ورأت الاوساط ان التخبط الآذاري والبلبلة التي طبعت ردود فعل هذا الفريق، صبت في مصلحة الفريق الخصم، الذي رد بقوة على خطوة تبين انها لم تكن منسّقة بالمقدار الكافي بين افرقاء البيت الواحد، ما اضعف رئيس الحكومة الذي كان يحتفظ بورقة التلويح بالاستقالة في وجه المعطّلين للحكومة، فاذا به امام واقع معنوي سيئ من خلال انتزاع الحليف الأوثق له لهذه الورقة منه، معتقدة في المقابل ان استفادة حزب الله التكتيكية، بعد الضربة الموجعة للعماد عون، لن تصرف في السياسة، في ظل وقوع الحزب اسير الانتظار الطويل للتطورات الميدانية الجارية في سورية، والرهان على التدخل الروسي لإحداث ميزان قوى جديد في المنطقة.

الى ذلك وفي ظل الاتهامات الموجهة للرئيس فؤاد السنيورة بالوقوف وراء الخطاب التصعيدي لوزير الداخلية، الذي رأى في الامر فرصة سانحة وغطاء لايصال رسائل في اكثر من اتجاه داخل التيار الازرق وقواعده وباتجاه حزب الله، مع تلميح مقربين منه الى امكانية مقاطعته لحوار عين التينة ما لم يعطَ إشارة إيجابية بالنسبة للخطة الأمنية في البقاع، ذلك ان كل المعطيات تدل الى ان المواقف الحادة التي صدرت مؤخرا لا تعكس حقيقة توجهات الرئيس سعد الحريري في هذه المرحلة، والتي ستترجم تخليا عن مرجع سابق في وقت قريب، اعتبرت مصادر في الثامن من آذار، ان اللهجة العالية لأمين عام حزب الله دفعت بقيادة المستقبل الى اعادة النظر بالمواقف التي أطلقت، مدللة الى ذلك بعدم مبادرة الحريري خلافا للعادة الى الردّ على الامين العام لـلحزب، ولجوء بعض قيادات التيار الى تبرير الكلام العالي اللهجة، لافتة الى ان التيار الأزرق سينتهج نوعا من التهدئة وهو ما تجلى بتجنب القسم الأكبر من نواب الحريري الادلاء بتصاريح، فضلا عن ان القراءة المتأنية لما بين سطور بيان كتلة المستقبل، تبين بوضوح ذلك من خلال ترك الأبواب مفتوحة بالنسبة للحوار الثنائي مع حزب الله، كاشفة عن ان التساهل في موضوع الآلية الحكومية ممنوع وتحديدًا من جانب حزب الله المتوافق مع بري على هذا الأمر، «فإما يبقى التوافق هو الحكم، وإما لا حكومة»، داعية الى التدقيق في دلالات الإشادة التي حملها خطاب السيد نصر الله، لجهة ثنائه على اداء الرئيس السلام، قد لا يكون محصورا في تأكيد وقوفه إلى جانب سلام لتمرير هذه المرحلة بالتي هي أحسن، وثنيه عن أي خطوة غير محسوبة بدأ البعض بتداولها، عن إمكانية لجوئه إلى الاستقالة، بل تتعداه الى تحييده عن الصراع مع المستقبل.

من جهتها اكدت مصادر الرابع عشر من آذار، ان فريقها بات مستعدا للمنازلة الكبرى، مدرجة ما حصل باعتباره اول الغيث، كاشفة ان كتلة المستقبل كانت في صدد تأكيد الاستمرار في الحوارين، لكن تصريح النائب علي فياض الذي أشار فيه إلى أن الحوار الثنائي يخضع للنقاش في قيادة الحزب، دفع المعنيين في الكتلة إلى احتضان موقف الوزير نهاد المشنوق، علماً أن الحوار الثنائي ما زال قائماً، حسب المعلومات، مشيرة الى ان هاجس المؤتمر التأسيسي لم يعد يؤرقها عمليًا، لأنه بات مؤكدا أن لا قدرة لأحد على تغيير النظام في هذه المرحلة لا من خلال مؤتمر تأسيسي ولا غيره، بعدما ساهمت التحركات الشعبية الأخيرة في تكريس هذه المعادلة، خصوصًا مع اصطدام شعار «إسقاط النظام» الذي طرحه البعض بالكثير من «الفيتوهات» في الداخل والخارج، كاشفة عن ضمانات دولية واقليمية واضحة تؤكد على عدم المساس بتسوية الطائف، أقله في المرحلة الراهنة، لافتة الى ان سلام يبدي استياء متزايداً يوماً بعد يوم، في ظل المماطلة لحل أزمة النفايات وعدم التعاون من الجهات المفترض بها أن تتعاون، حيث لا موعد لإجتماع اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الملف، ولا حتى لقاء مع الوزير أكرم شهيب، الذي نوّه بجهوده النائب وليد جنبلاط، من غير أن يمانع من أن يكشف وزير الزراعة من الذين عرقلوا تنفيذ خطة النفايات في الوقت المناسب، والذي ادى الى توقف العمل في مكب سرار الشمالي وسحب المتعهد معداته منه بعد إطلاق النار ليلاً فوق العاملين فيه في الهواء.