IMLebanon

ليست مسألة كيمياء  بل هي قضية مصالح

ليس للولايات المتحدة الأميركية استراتيجية جديدة غير معلنة في الشرق الأوسط، وليست التحولات الآنية والتكتيكية للدبلوماسية الأميركية دليلاً قاطعاً على وجود مثل هذا التحول. والقاعدة في السياسة الأميركية التي يمكن وصفها بأنها القاعدة الذهبية، هي شم أثر مصالحها العليا ومتابعتها حتى ولو كانت في الصين! وهي تفعل ذلك بثبات وقوة ودون قيود أو ضوابط اخلاقية، أو مشاعر انسانية. والصداقة في نظر أميركا تقاس بمقدار ما يوفر لها هذا الصديق من مصالح. وكان اثنان في المنطقة تعتبرهما أميركا من كبار أصدقائها بحق، واحدهما هو شاه ايران الذي كان يقوم بدور شرطي الخليج، وثانيهما هو اسرائيل التي كانت تقوم بدور شرطي المتوسط، وكان كل منهما يقوم بدوره بكل قوة وفعالية…

التوترات الحالية في علاقات اميركا واسرائيل ليست ناتجة عن صدفة وجود باراك أوباما في البيت الأبيض، ووجود بنيامين نتنياهو على رأس حكومة المتطرفين في اسرائيل. ومن السذاجة تفسير هذا الاحتقان بين البلدين كنتيجة لفقدان الكيمياء بين الرجلين! كانت اسرائيل هي الصديق الوفي لأميركا ومطالبها الجشعة لا تُرد مهما بلغت من الطمع، عندما كانت اسرائيل قادرة على القيام بالحروب بالنيابة عن أميركا وتنتصر فيها في أقصر وقت، وتحقق مصالحها ومصالح أميركا دفعة واحدة. وكانت اسرائيل تقوم بالحروب لحماية مصالح أميركا، ولكن الزمن تغير، واليوم تقوم أميركا بشن الحروب بواسطة جيوشها وحلفائها لحماية اسرائيل!

الفوضى التي اجتاحت المنطقة العربية تحت شعار الربيع العربي هزت أركان كل ثوابت العلاقات التي أقامتها أميركا مع الأنظمة في المنطقة. وعندما تنظر أميركا بعين باردة الى الأنظمة الصديقة فإنها تنظر الى هذا الواقع برؤية مجردة ودون أن تخدع نفسها. وتشعر أميركا بالقلق العميق على وجودها ومستقبل مصالحها في المنطقة، وترى أنه يتوجب عليها منذ الآن استباق الأحداث، والعمل على ضمان الاستمرارية لاحقاً قبل أن تسبقها التطورات الراهنة…