كلام الوزير جبران باسيل عن الرئيس نبيه بري يتجاوز كل الخطوط الحمر السياسية، ويضرب بعرض الحائط كل أخلاقيات العلاقات الإنسانية بين القيادات.
مثل هذه البهورات الاستهلاكية تضرّ بصاحبها أكثر مما تصيب هدفها، لأنها لا تدل على مستوى متدنٍ فقط ، بل تؤكد الإفلاس الفكري والسياسي لصاحبها، الذي يفتقد القدرة على مقارعة الموقف بالموقف، فيلجأ إلى كيل الشتائم والتطاول على مكانة وكرامة خصمه السياسي، بأسلوب شارعي ورخيص، في مشهد لا يخلو من عرض عضلات فارغة، ويعتبر خطيئة وطنية، وليس مجرّد غلطة سياسية!
الشريط المسرّب للوزير باسيل خلال اجتماع حزبي يكشف مستوى اللغة التي يُخاطب بها باسيل أنصاره، ليشدّ العصب الطائفي من جهة، وليبدو أمام جمهوره بحجم بطل دونكيشوتي لا يخاف من خصومه، لأنه يستند على شعور مخادع بفائض القوة والنفوذ على خلفية الدور البارز الذي يلعبه في العهد الحالي، والذي يتجاوز بكثير حجم وزير سيادي، ليصل إلى مستوى رئيس حزب حاكم في الدول الأوتوقراطية!
نبيه بري، قامة وطنية، ورجل دولة، يحرص على التوازنات الداخلية، ويعتمد الاعتدال والحوار في معالجة الأزمات والملمات المتناسلة في البلد، ويلعب دور الإطفائي، خاصة في هذا العهد، لن تنال منه كلمات سفيهة ونابية، لا يجرؤ صاحبها على البوح بها في العلن.
الخلاف بين بعبدا وعين التينة ليس جديداً، ويعود في الأساس إلى فقدان الانسجام، وغياب الكيمياء بين الرئيسين عون وبري، والذي تجلى أثناء جلسة الانتخاب الرئاسية، ثم انتقل بالممارسة إلى الوزير باسيل، الذي لم يفلح في تحسين الأجواء بين الرئاستين وحسب، بل نسف ما تبقى من إمكانية للتعاون مع الرئاسة الثانية، ودخل في خلاف شخصي ومباشر مع الرئيس بري.
ما حصل في الشارع، أمس، يمكن أن يتكرر مثله أو أكثر، في حال استمرت محاولات الهيمنة والتفرّد بالقرار من قبل فريق العهد. وليس سراً أن تداعيات الأزمة الراهنة ستنعكس سلبياتها على مسيرة العهد، المتعثرة أصلاً، لأسباب لا مجال للخوض في تفاصيلها.
أما الحديث عن شدّ العصبية المسيحية عشية الانتخابات، فلا قيمة لها إذا كانت تتم على حساب نجاح العهد الحالي، والحفاظ على ما تبقى من وفاق واستقرار!