Site icon IMLebanon

ليس كل قوي مسيحيّاً يصير رئيساً بل كل قوي وطنيّاً ليستطيع أن يحكم

متى يكون القول إن هذا الشهر أو ذاك هو موعد انتخاب رئيس للجمهورية، ومع انتخابه يبدأ ربيع لبنان سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وهل يؤشر الى ذلك تسارع التطورات في سوريا على الأرض وعدم تطرّق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الى موضوع الانتخابات الرئاسية، وقول الرئيس سعد الحريري إن “الحزب” ليس ضد إجراء الانتخابات انما يستمهل اجراءها؟ فاذا صح هذا التصور فان هيئة الحوار الوطني مدعوة للبحث في موضوع الانتخابات الرئاسية من دون سواه من المواضيع، خصوصاً أنه كان على رأس جدول أعمالها منذ الجلسة الأولى. وحسناً فعل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بطلب العودة إليه لأن لا شيء أكثر ضرورة منه.

لقد كان مطلوباً مسيحياً أن يكون أحد الأقطاب الموارنة الأربعة مرشّحاً للرئاسة الأولى، وقد استجاب الرئيس الحريري ذلك بترشيح النائب سليمان فرنجية، واستجاب الدكتور سمير جعجع بدوره أيضاً فرشّح العماد ميشال عون، لكن تبيّن من ردود الفعل أن أياً منهما قد لا يضمن الفوز بالأكثرية النيابية التي تضمن فوزه ميثاقياً إذا ظل “تيار المستقبل” يعارض انتخاب العماد عون و”القوات اللبنانية” ومعها “التيار الوطني الحر” يعارضان انتخاب فرنجية.

لذلك بات الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسيّة يتطلب إمّا النزول إلى المجلس لتنتخب الأكثرية أيّاً من المرشحين: عون، فرنجية، هنري حلو، وإما الاتفاق على مرشّح تسوية وتوافق يكون أهلاً لتحقيق الوفاق الوطني الشامل في البلاد. والبحث عن مثل هذا المرشح لم يكن ممكناً قبل تجربة حظوظ الأقطاب الموارنة الأربعة لأن أيّاً منهم ما كان ليقبل بمرشح من خارج ناديهم قبل أن يجرّبوا حظوظهم. أما وقد تم ذلك وظهر أن أي مرشح من قوى 14 آذار لا يحظى بتأييد قوى 8 آذار، ولا مرشّح من هذه القوى يحظى بتأييد قوى 14 آذار، فالعماد عون لم يحظَ بتأييد “تيار المستقبل” والنائب فرنجية لم يحظَ بتأييد “القوات اللبنانية” والدكتور جعجع لم يحظَ عندما كان مرشحاً بتأييد قوى 8 آذار، فلم يبقَ والحالة هذه سوى البحث عن مرشح تسوية كما تألفت حكومة التسوية برئاسة تمّام سلام بعد تقديم تنازلات متبادلة. و”الرئيس التسوية” هو ذاك الذي لا يشكّل انتخابه كسراً لأحد كما قال السيد نصرالله نفسه. أوَلم يحن الوقت بعد شغور رئاسي مضى عليه 19 شهراً تقريباً للبحث عن مرشح تسوية من خلال اتصالات ولقاءات يجريها الرئيس نبيه بري لاستمزاج آراء كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، أو من خلال اتصالات ولقاءات يجريها الرئيس الحريري مع حلفائه، وتتويج هذه الاتصالات باجتماع يضم الرئيس بري والرئيس الحريري والرئيس أمين الجميل والنائب وليد جنبلاط والدكتور جعجع والسيد نصرالله، لغربلة أسماء المرشحين المقبولين الذين لا يشكل انتخاب أيّ منهم كسراً أو غلبة لأحد؟ أفلا تسهل التطورات المتسارعة على الأرض في سوريا التوصل الى اتفاق على مرشح، أو أقلّه الاتفاق على لائحة مرشحين مستقلين ينتخب النواب بالاقتراع السري أحدهم بالأكثرية المطلوبة؟ وبذلك يكون لبنان قد احترم النظام الديموقراطي وأحكام الدستور ولم يحاول الاحتيال عليهما كقول البعض إن من يمثلون المسيحيين تمثيلاً صحيحاً هم المؤهلون وحدهم للرئاسة الأولى من دون الأخذ في الاعتبار رأي الشريك الآخر الذي احترمه “الحلف الثلاثي” الذي كان يضم كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده، وكان يمثل أكثر بكثير من أي حلف مسيحي حالي، ليس بالقول بل بالفعل الذي تأكّد في الانتخابات النيابية التي اكتسح فيها الحلف كل المقاعد النيابية في محافظة الجبل، ولم يستطع رغم ذلك أي ركن من أركانه ضمان فوزه في الانتخابات الرئاسية بسبب موقف الشريك المسلم لأن هذا ما يقضي به الميثاق الوطني وهو أساس العيش المشترك والوحدة الوطنية والسلم الأهلي.