IMLebanon

لا أميركا.. ولا إيران!

                                                            

انتهى زمن الخطابات الإسلامية الثورية، والتكتم السياسي حول انتشار الوجود العسكري في دول من المشرق العربي هي: لبنان وسوريا والعراق واليمن. تعمدت إيران اختيار التوقيت المناسب للكشف عن المعلوم من المجهول. التعليل الذي أصدرته طهران هو المهم.

[ لبنان، حزب الله شكّل أهم وأكبر التجارب الإيرانية الناجحة. نجاح الحزب حتى الآن، أصبح حافزاً عسكرياً وسياسياً لاستيلاد تجارب عربية مماثلة له. أثبت «حزب الله» تدريجياً، أن وجوده ليس فقط للتحرير. الدفاع عن أي جزء من محور المقاومة والممانعة مهمة كبرى له. القتال الى جانب الأسد لم يعد يتوجب تبريرات واهية مثل الدفاع عن السيدة زينب. تواجد قوات الحزب في حلب وغيرها من المدن السورية أكد هذه البديهية التي عمل على إبعادها عن الثقافة الجماهيرية. 

أثبت الحزب أنه «بندقية زنادها في اليد الايرانية«. وانه حزب له موقعه الكبير في الامساك بالقرارات السياسية اللبنانية العليا. هذا الدور هو الذي أهّل إيران، لأن تصبح صاحبة الدور الكبير في الانتخابات الرئاسية. كانت سوريا هي التي تصنع معظم المعادلات اللبنانية، فإذا بإيران تحل مكانها وتأخذ دورها.

[ إيران موجودة في العراق، منذ تكونت المعارضة العراقية خصوصاً الشيعية منها. نجحت طهران في الدخول الى قلب النسيج العراقي، حتى إذا سقط صدام حسين على يد الأميركيين أخذت العراق على «صحن من ذهب« ولم تقتحمه. منظمة بدر وغيرها من المنظمات الميليشياوية «إيرانية الهوى» والقيادة منذ البداية.

في المسار العراقي، ارتكبت إيران غلطة سياسية كبيرة عندما لم تعمل على صياغة بديل سياسي للمالكي، فاشترطت أن يكون هو مجدداً أو لا أحد، فوقعت الواقعة وعادت الولايات المتحدة الأميركية الى العراق بطلب من العراقيين.

ما حدث في العراق يكاد يحدث في لبنان دون الحديث عن الأميركيين. مشكلة إيران انها مع حزب الله، ترتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبته في العراق. لم تنتج إيران بديلاً سياسياً لنوري المالكي وأصرت أن يكون هو أو لا أحد. وفي لبنان الخطأ نفسه. الجنرال عون رئيساً للجمهورية أو لا أحد. أخطر تطور ممكن أن يقع ليحدث «الزلزال» الذي يخرج الحزب وإيران معاً من هذا الخيار المأزق الذي أحدث الفراغ، أن يتقدم «داعش» أو يفجّر «قنبلة» من قنابله «الداعشية» حتى يسارعا للعمل على ملء الفراغ الرئاسي.

[ سوريا، أصبحت «ولاية» إيرانية، لأن الأسد يحتاجها مالياً وعسكرياً. من دون إيران وحزب الله والميليشيات العراقية يصبح الأسد بلا أنياب يعدّ أيامه قبل رصاصة الرحمة.

إنشاء ميليشيا سورية على غرار حزب الله و«الباسيج« يعمّق المعارضة المذهبية السورية، لكنه يقوّي الموقف الإيراني. الوجود الايراني لم يعد مرتبطاً بوجود الأسد. إيران ستفاوض من موقع قوة.

[ اليمن التي قهرت كل الغزاة والمتدخلين، يبدو وكأنها صعدت في «القطار» الايراني. عرفت طهران كيف تخترق «النسيج» القبلي اليمني بدلاً من اختراقه عسكرياً. «أنصار الله» في اليمن أصبحوا موضع «افتخار« لهذه السياسة الايرانية، اختراق اليمن يحمل أخطاراً مضاعفة عن لبنان وسوريا. تعرف إيران حدود قوتها في لبنان في مواجهة إسرائيل، وفي سوريا مع الخصم التركي التاريخي لها. في اليمن التهديدات إقليمية ودولية.

كشفت إيران أوراق قوتها الميدانية مؤكدة أنها «تسعى الى إنشاء نظام أمني وسياسي جديد في المنطقة. وهي تملك المبادرة في تأسيس هذا النظام«. الأخطر أنها ربطت وجودها العسكري الذي سيتزايد حكماً، بما أنه أصبح مكشوفاً، بالدفاع عن شيراز وأصفهان من سامراء العراقية. هذا الربط الميداني يؤكد أيضاً أن هذا الوجود ليس تكتيكياً ولكنه استراتيجي.

توقيت صدور كل هذه التصريحات مهم جداً، فهو رد ميداني على باراك أوباما حول كونها قوة إقليمية يمكنها أن تكون ناجحة. بالتأكيد «اخذت قوتها بذراعها»، وأن الاعتراف الأميركي بها، هو لتثبيت ما هو مثبت.

ايجابية كبيرة لكل هذه الاعترافات والمبادلات، أن العام 2015 قد يحمل بداية سعيدة للنزاعات المشتعلة في المنطقة. العقدة في الثمن الذي سيدفعه العرب لهذه الحلول ولهذه القوة الايرانية المعترف بها دولياً.

يبقى أن المشرق العربي لم يتحمل يوماً، حتى وإن طال وجوده، أي وجود أجنبي يقيد خياراته. كما كان الرفض شعبياً وسياسياً للوجود الأميركي، من الطبيعي أن يكون هذا الرفض مماثلاً لإيران. لذلك سيبقى المشرق العربي معلقاً على حافة الهاوية لسنوات طويلة.