Site icon IMLebanon

ليست قضية أشرف ريفي

بعد وقتٍ قصير على صدور الحكم في قضية الموقوف ميشال سماحة، عَلِم وزيرُ العدل اللواء أشرف ريفي بالمضمون الأوّل للحكم وكان لا يزال داخلَ اجتماع مجلس الوزراء.

لم يكن الوقت كافياً لاتخاذ موقفٍ سريع، فأمسك الرجل قلمه ودوّن على ورقة عشرة أسطر، خرج بعدها الى وسائل الاعلام ونعى المحكمة العسكرية، والحكم الصادر عنها، واصفاً إياه بـ«المهزلة».

البعض وصف ريفي بالغاضب، لكنّ الوصف لم يكن دقيقاً. كان حازماً ومدرِكاً أنه بدأ مواجهة كبيرة مع ما وراء المحكمة العسكرية، وما وراء وراء المحكمة العسكرية، من الضاحية الى دمشق.

قبلَ أسبوعين سمع وزير العدل من مصادر عدة، كلاماً عن نيّة المحكمة العسكرية تخفيف الحكم الى الحدّ الاقصى. لم يُصَدّق الأمر في البدء، واستمرّ متمسِكاً بتحليل يقول إنّ أحداً لا يمكنه تحمّل مسؤولية إصدار هذا الحكم المخفَف، لكنه إستعدّ للأسوأ وقال أمام المقرّبين: «لن أقبل تحت أيّ عذر أو ضغط، بأيّ قرار يشبه التبرئة، لقد قدتُ كمدير عام لقوى الامن الداخلي عملية توقيف سماحة، لقد شاهدتُ الفيلم المصوَّر لسماحة وعن اللواء الشهيد وسام الحسن، وذُهلنا من هول هذا الإجرام الذي مارسه بدم بارد، فهل يُعقل لأيّ هيئة قضائية أن تتعامى عن هذه الجريمة؟»

ووردت معلومات الى ريفي تقول إنّ المحكمة ستختم الملف وتُصدر حكمها بعد الاستماع الى سائق سماحة، فكانت ردة فعله: «الأرجح أنّ أحداً لا يستطيع أن يهرّب الحكم المخفف، وربما يطول النظر بالقضية الى ما بعد جلاء الوضع في سوريا، وكان مخطئاً».

عندما وصل المضمون الأول للحكم على سماحة، قرّر وزير العدل أن يقول كلمته، فقالها: «لم أكن في حياتي شاهد زور على الباطل، ولن أكون، ولو لم اتخذ الموقف والإجراء المناسبَين لكنتُ ذهبت الى بيتي بكلّ راحة ضمير».

لم يتّخذ ريفي قراره بالتشاور مع أحد، لكنّ أوّل المتصلين به كان الرئيس سعد الحريري، الذي وجد أنّ ما قام به ريفي سحب جزءاً من الغضب من الشارع، وأسّس لمرحلة يبدأ فيها تصحيح ما تركته الوصاية السورية، من سلوكيات قديمة وجديدة.

تلقى ريفي اتصالات كثيرة مؤيّدة، وسمع إشادات وانتقادات، فقال له منسق الامانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد: نقلتَ النتائج السيّئة لهذا القرار، من المربّع الطائفي، ووضعتها بعهدة جميع اللبنانيين، فهذه القضية ليست مطلباً إسلامياً بل قضية أمن وطن وشعب. لا يمكن تعداد مَن أيّد خطوة وزير العدل، من بينهم مَن وجدوا في القرار استفزازاً صريحاً، كالنائب أحمد كرامي، فعبّروا عن موقف داعم لخطوة ريفي.

ليست قضيّتي وحدي، يقول أشرف ريفي. هي في نظره قضية العدالة لشعب أعزل. هي قضية رفيق دربه وسام الحسن، الذي قال في مكتب ريفي في قيادة قوى الأمن الداخلي ليلة توقيف سماحة: «لقد وقّعت الليلة على قرار اغتيالي».

وهي في نظره قضية المجتمع المدني، والحقوقيين والنقابات، وأهالي الشهداء، هي قضية الضابط النقيب الشهيد سامر حنا، والإعلامية مي شدياق التي نجت من اغتيالٍ بعبوة ممغنَطة كالتي أحضرها سماحة من دمشق، والتي قال إنّ أحداً لا يعلم بها إلّا «الرئيس» وعلي وأنا وأنت (ميلاد كفوري).

وهي في نظره قضية وطن، لا شهوة الى موقع أو منصب، فكما كان في قيادة قوى الامن الداخلي، هكذا هو وزيراً للعدل.

يبتسم عندما يتهمه البعض بأنه لا زال يلبس البدلة العسكرية، ينفي ضمناً لكن يجيب من دون تردّد: عندما يتعلق الأمر ببناء دولة مؤسسات حقيقية لأولادنا، لا أتردّد في اتخاذ القرار الصعب، مهما كلّف الامر من نتائج.