IMLebanon

لأنه الرئيس الأعلى للقوات المسلّحة لا تعيين لقيادات عسكرية قبل انتخابه

إذا كان التمديد لمجلس النواب والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي مرا بسلام، فلأن “حزب الله” اختلف موقفه عن موقف العماد ميشال عون. فهل يمر التمديد هذه المرة لقيادات عسكرية وأمنية بسلام ايضاً ويكتفي العماد عون بتسجيل اعتراضه ولا يبلغ حدّ الانسحاب من الحكومة فيتحمل وحده عندئذ مسؤولية فتح أبواب الفراغ الشامل إذا لم يتضامن معه “حزب الله” بل خالف رأيه كما فعل سابقاً؟

الواقع أن عدم الاتفاق على قانون للانتخابات النيابية فرض التمديد لمجلس النواب، وعدم الاتفاق على تعيينات في المراكز العسكرية والأمنية فرض التمديد ولا بدّ من أن يفرضه مرة أخرى، خصوصاً في ظروف أمنية صعبة ودقيقة حيث يخوض الجيش وقوى الأمن الداخلي حرباً شرسة على حدود لبنان الشرقية مع سوريا ضد تنظيم “داعش” وتنظيمات إرهابية متعددة الجنسية، ويحتاج خوضها بنجاح الى وحدة داخلية قوية، وكل محاولة، عن قصد أو عن غير قصد، لتصديعها لخلاف على تعيين أو تمديد إنما هي خطيئة وطنية كبرى لا تغتفر.

ثمّة من يقول إن العماد عون يضغط في اتجاه رفض التمديد ليعجّل في الاتفاق على انتخابه رئيساً للجمهورية أو انتخاب من يرشحه للرئاسة، خصوصاً أن آماله عادت وانتعشت بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بقبول التفاوض مع الرئيس بشار الأسد، ما يشير الى احتمال التوصل الى اتفاق على الملف النووي الايراني، بحيث يصبح في الإمكان تسمية من يرضي إيران رئيساً للجمهورية، كما كانت سوريا تسمي رئيساً للبنان ترضى به عندما تولّت تنفيذ الحل فيه استناداً الى اتفاق الطائف. ل

كن القرار هو في الواقع لـ”حزب الله” وليس للعماد عون كونه يحدّد مصير الحكومة وتالياً مصير لبنان عندما يواجه الفراغ الشامل. وهذا القرار، نظراً الى أهميته، لا يتخذه الحزب وحده إنما إيران التي لا ترى أن الوقت مناسب لاتخاذه وهي في مفاوضات حول الملف النووي التي تسير نحو الاتفاق النهائي، ولا مصلحة لها في استباق نتائجها بتعكير الأمن في لبنان أو تفجير أزمات فيه. أما إذا لم تكن المفاوضات تسير نحو الاتفاق ولا نحو الخلاف وربما نحو مزيد من الدرس، فان إيران تبقى متمسكة بأوراق الضغط في لبنان وسوريا والعراق واليمن في مفاوضاتها مع أميركا. لذلك يمكن القول إن المدّة القليلة الباقية للمفاوضات ستكون حاسمة، ليس بالنسبة الى الوضع في لبنان، إنما بالنسبة الى المنطقة كلاً.

وفي انتظار نتائج المفاوضات حول الملف الإيراني، لا بد من التمديد لقائد الجيش ولقائد قوى الأمن الداخلي لأن الاتفاق على تعيين خلفين لهما قد يكون صعباً مع حكومة التناقضات والمناكفات والمماحكات، عدا أنه ليس من المقبول تعيين قيادات عسكرية وأمنية في مراكز رفيعة ومنصب رئيس الجمهورية شاغرا، بل يجب انتظار انتخابه ليكون له رأي في هذا التعيين كونه الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس كل السلطات، كما أن استمرار الشغور الرئاسي سوف يحول دون اجراء انتخابات نيابية على أساس قانون ينبغي أن يكون للرئيس رأي فيه أيضاً. فلا حل جذرياً إذاً للمشكلات التي تواجهها الحكومة والبلاد إلا باستعجال انتخاب رئيس للجمهورية يقدم بعد انتخابه على تشكيل حكومة جديدة تكب على وضع قانون جديد عادل ومتوازن تجرى الانتخابات النيابية على أساسه وينبثق منها مجلس نواب يمثل إرادة الشعب تمثيلاً صحيحاً، وله أن يقرّر تنفيذ ما تبقى من اتفاق الطائف أو اعادة النظر في بعض بنوده تصويباً أو توضيحاً أو تعديلاً.

أما إبقاء سدّة الرئاسة شاغرة الى أجل غير معروف، وتتولى حكومة تناقضات ومناكفات صلاحيات الرئاسة بالوكالة، فمعناه إبقاء لبنان على شفير الهاوية ولا أحد يعرف متى يسقط فيها.

والسؤال الذي يحتاج الى جواب سريع هو: هل يعود مقاطعو جلسات الانتخابات الرئاسية الى ضميرهم ووجدانهم ووطنيتهم ويقرروا حضورها لانتخاب الرئيس لأن من دونه لا مؤسسات تعمل بانتظام ولا سلطات تحكم بفاعلية، بل تبقى أبواب الفراغ الشامل مفتوحة على كل الاحتمالات. ويمكن القول إن الكلمة في تأمين النصاب هي للعماد عون كونه الزعيم المسيحي الكبير، وإلا كان مسؤولاً عن بقاء أعلى منصب ماروني في الدولة شاغراً، وهو المنصب المسيحي الوحيد في المنطقة. أفلا يكفي تهجير المسيحيين من الشرق حتى يضاف اليه بقاء قصر الرئاسة في بعبدا مهجوراً؟!